Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”)
جواب سؤال
ما ورد من أحاديث في كتب الأئمة الفقهاء
إلى علاء الدين عبد الله

السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


ورد في كتاب الشخصية الجزء الثالث في الحديث الحسن بعد تقسيمه الى قسمين ما يلي، وهو القسم الثاني:
“أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم. والحديث الحَسَن يُحتَج به كالحديث الصحيح سواء بسواء. وما ورد من أحاديث في كتب الأئمة وتلاميذهم وغيرهم من العلماء والفقهاء يعتبر من الحديث الحَسَن ويُحتَج به لأنهم أوردوه دليلاً على حكم أو استنبطوا منه حكماً، فهو حديث حَسَن، سواء ورد في كتب أصول الفقه أم الفقه، على شرط أن تكون كتباً معتبَرة كالمبسوط والأم والمدونة الكبرى وأمثالها، لا كمثل كتب الباجوري والشنشوري وأضرابهما. أمّا ما ورد من أحاديث في كتب التفسير فلا يُلتَفت إليه ولا يُحتَج به حتى لو كان المفسر إماماً مجتهداً، وذلك لأنه ورد لتفسير آية لا لاستنباط حكم، وهناك فرق بينهما، ولأن المفسرين عادة لا يهتمون بتدقيق الأحاديث التي يستشهدون بها، ولهذا لا تعتبر هذه الأحاديث لمجرد ورودها في التفسير كما هي الحال في كتب الفقه التي للأئمة والعلماء، بل لا بد من البحث عن الحديث ولو بطريق التقليد، بسؤال أهل الحديث أو الرجوع إلى كتاب من كتب الحديث المعتبَرة.” انتهى


السؤال: كيف توصلنا إلى أن ما استدل به الفقهاء أو الأصوليون في أمهات كتب الفقه أو الأصول يعتبر من الحسن؟ فهل ثقتنا بعلمهم ومكانتهم تكفي بأن ما احتجوا به صحيح النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمنا بأن الأئمة الكبار متفاوتون في علم الحديث؟


وكيف نوجه قول الإمام الشافعي وغيره من الأئمة: “إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط؟ وكأن فيه الإشارة إلى تحرّي ما يقول والتحقيق والتدقيق فيه؟ وهل يكفي ورود الحديث في واحد من أمهات كتب الفقه والأصول المعتمدة أم يشترط وروده في عدد منها؟ وإن كان في عدد منها ألا ينبغي مثلا وجود ضوابط أخرى بأن لا يكون ورودها في عدد من كتب المذهب الواحد بل ورودها في أمهات الكتب المعتمدة في أكثر من مذهب؟
وكان الله في عونكم ابو حنيفة)


الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


إذا استدل العالم أو المجتهد المعتد به بحديث فلا بد أن يكون هذا الحديث عنده صالحاً للاستدلال به من حيث نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يستنبط منه حكماً شرعياً ولا يتصور أن يحتج به وهو عنده ساقط عن درجة الاحتجاج، فاستدلال الأئمة بالحديث، وخصوصاً المتقدمون منهم، واستدلال جِلّة الفقهاء بالحديث يجعلنا نطمئن إلى الاحتجاج به كما احتجوا هم به، وننزله منزلة الحديث الحسن، وذلك ثقة بعلمهم وتقواهم. وهذا لا يعني القبول بكل حديث ورد في كتب الفقه أو كتب الأصول، فقد نحاكم حديثاً مذكوراً في كتب الأئمة فيتبين لنا ضعفه وفق أصولنا فلا نأخذ به، بل قد نحاكم حديثاً وارداً في كتب الحديث المعتد بها فيتبين لنا أنه ضعيف فلا نحتج به.


ولكن قبول الحديث ورده له علمه وأصوله. جاء في الشخصية الجزء الأول في باب “الحديث المقبول والحديث المردود” ما يلي: (يتبين من تقسيم الحديث عند أهله إلى صحيح وحسن وضعيف، أن الحديث الصحيح والحديث الحسن هما اللذان يحتج بهما، والحديث الضعيف لا يُحتج به. والذي يجعل الحديث مقبولاً أو مردوداً هو النظر في السند والراوي والمتن. فإذا لم يحذف من السند راوٍ يؤدي حذفه إلى عدم تعديل المحذوف، ولم يطعن في الراوي وكان المتن غير ركيك ولا مخالف لبعض القرآن أو السنّة المتواترة أو الإجماع القطعي، فإن الحديث في هذه الحال يكون مقبولاً ويعمل به ويتخذ دليلاً شرعياً، سواء أكان صحيحاً أم حسناً.
أما إذا كان الحديث على غير هذه الصفات فالحديث يرد ولا يستدل به...


فلا يتنطع في رد الحديث ما دام يمكن قبوله حسب مقتضيات السند والراوي والمتن. ولا سيما إذا قبله أكثر العلماء واستعمله عامة الفقهاء فإنه حري بالقبول، ولو لم يستوف شروط الصحيح لأنه يدخل في الحسن. وكما لا يجوز أن يتنطع في رد الحديث كذلك لا يجوز أن يتساهل في الحديث فيقبل الحديث المردود للسند أو الراوي أو المتن...) انتهى

وجاء في الكتاب نفسه تحت باب “اعتبار الحديث دليلاً في الأحكام الشرعية” ما يلي:
(...إلا أن خبر الآحاد الذي يصح أن يكون دليلاً على الحكم الشرعي هو الحديث الصحيح والحديث الحسن. وأما الحديث الضعيف فلا يصلح أن يكون دليلاً شرعياً مطلقاً. وكل من يستدل به لا يعتبر أنه استدل بدليل شرعي. إلا أن اعتبار الحديث صحيحاً أو حسناً إنما هو عند المستدل به إن كانت لديه الأهلية لمعرفة الحديث، وليس عند جميع المحدثين. ذلك أن هنالك رواة يُعتبرون ثقة عند بعض المحدثين، ويُعتبرون غير ثقة عند البعض، أو يعتبرون من المجهولين عند بعض المحدثين، ومن المعروفين عند البعض الآخر. وهناك أحاديث لم تصح من طريق وصحت من طريق أخرى. وهنالك طرق لم تصح عند البعض وصحت عند آخرين. وهناك أحاديث لم تعتبر عند بعض المحدثين وطعنوا بها، واعتبرها محدثون آخرون واحتجوا بها. وهناك أحاديث طعن بها بعض أهل الحديث، وقبلها عامة الفقهاء واحتجوا بها. فكما أنه لا يجوز الإسراع بقبول الحديث دون النظر في صحته، فكذلك لا يجوز الإسراع بالطعن في الحديث ورده لمجرد أن طعن أحد المحدثين في راويه، لاحتمال أن يكون مقبولاً عند راو آخر لاحتمال أن يكون قد احتج به الأئمة وعامة الفقهاء. فيجب التأني والتفكير في الحديث قبل الإقدام على الطعن فيه أو رده. والمتتبع للرواة وللأحاديث يجد الاختلاف في ذلك بين المحدثين كثيراً، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.


فمثلاً: روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم» فراوي هذا الحديث عمرو بن شعيب، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيه مقال مشهور، ومع ذلك فقد احتج بحديثه كثيرون ورفضه آخرون...) انتهى


وهكذا فإن الحديث الذي يعمل به الفقهاء المعتبرون والأصوليون يعد من الحسن، ولا يلزم لاعتبار الحديث الوارد في كتب الفقهاء المعتبرين والأصوليين حسناً أن يرد في كتب كثيرة، فيكفي أن يرد بالقدر الذي يوفر الاطمئنان بصحة الاستدلال به، ولكن وروده في كتب كثيرة وفي مذاهب متعددة يزيد من الاطمئنان إلى الاحتجاج به.


وأما قول الشافعي فهو صحيح، وهذا لا يناقض ما قلناه، فنحن نعدُّ الحديث الذي استنبط منه العلماء المعتبرون حكما شرعياً، نعده حسناً، ولكن هذا إذا لم يكن هناك حديث صحيح أقوى منه، وإلا فنحاكم الأدلة وفق الأصول المتبعة من حيث الجمع بين الأدلة أو الترجيح بينها كما هو معروف في بابه من أصول الفقه.


أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

28 ذو القعدة 1435هـ

 
24/09/2014م
 



إقرأ أيضا:-