Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال
القواعد الشرعية للتعامل مع الأنهار

السؤال:
هل هناك قواعد شرعية بالنسبة للتعامل مع الأنهار، سواء أكانت من منبعها إلى مصبها في دولة الخلافة، أم كانت تمر خلالها وخلال دول أخرى؟ وجزاكم الله خيراً.


الجواب:
إن في الإسلام حلولاً لكل مشكلة حدثت، أو تحدث، أو ستحدث، فالله سبحانه أكمل هذا الدين ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، وأوجب علينا الاحتكام إلى شرع الله في كل صغيرة وكبيرة فقال سبحانه ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، وكلمة “ما” كما هو معلوم من صيغ العموم، فأوجب الله سبحانه الحكم بالإسلام في كل أمر دون استثناء، أي دون تجزئة ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، فالله العزيز الحكيم لم يترك أية مشكلة تعترض الناس في هذه الدنيا إلا وبيَّن حلها في الإسلام نصاً أو استنباطاً وفق القواعد الأصولية الشرعية، فالله سبحانه خلقنا وبين لنا ما يُصلح أمرنا فهو سبحانه اللطيف الخبير ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.

ولذلك، فنعم هناك قواعد شرعية للتعامل مع الأنهار
سواء أكانت داخل دولة الخلافة، أم كانت تمر فيها وفي دول أخرى... وسأذكر لك بعض هذه الأمور بشكل مختصر وستكون بتمامها إن شاء الله عند قيام دولة الخلافة التي نضرع إلى الله أن يكون ذلك القيام قريباً، والله عزيز حكيم:

1- إن الأنهار العظيمة هي ملكية عامة وهي مندرجة تحت نوعين من أنواع الملكية العامة، فهي من جهة داخلة في مرافق الجماعة التي يدل عليها قوله صلى الله عليه وسلم «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ» رواه أبو داود، وهي كذلك من الأعيان التي تكون طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الأفراد بحيازتها أخذاً من حديث النبيصلى الله عليه وسلم «مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» رواه الترمذي... وتفصيل ذلك كله موجود في كتاب الأموال في دولة الخلافة وفي كتاب النظام الاقتصادي فليرجع إليهما.


2- لقد كان مدركاً لدى المسلمين من لدن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى عصرنا هذا بأن الأنهار العظيمة كدجلة والفرات والنيل هي ملكية عامة لا يختص أحد بتملكها أو الانتفاع بها، وقد كانت الدولة تمكن الناس من الانتفاع بالأنهار العظيمة للشرب والانتفاع المنزلي وسقي الدواب (وهو ما يسمى بالشفة) ولسقي الأراضي الزروع (وهو ما يسمى بالشِّرب) وللسفر والتنقل... وكانت تقوم بترتيب ضفاف الأنهار وبتنظيف الأنهار (وهو ما يسمى بكري الأنهار) ليستطيع الناس الاستفادة منها... وكل ذلك واضح عند مراجعة كتب التاريخ وكتب الفقه الإسلامي... وأذكر لك بعض النصوص الفقهية التي تدل على اهتمام المسلمين بموضوع الأنهار العظيمة وتسهيل الاستفادة منها:


- جاء في كتاب تحفة الفقهاء للسمرقندي المتوفى نحو سنة “540 هـ” ما يلي:

(... الْأَنْهَار الْعِظَام كالفرات والدجلة والجيحون وَغَيرهَا فَلَا حق لأحد فِيهَا على الْخُصُوص بل هُوَ حق الْعَامَّة فَكل من يقدر على سقِي أراضيه مِنْهَا فَلهُ ذَلِك وَكَذَا نصب الرَّحَى والدالية وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا إِذْ لم يكن فِيهِ ضرب بالنهر الْعَظِيم أما إِذا كَانَ فِيهِ ضرب فَيمْنَع عَن ذَلِك ثمَّ كري الْأَنْهَار الْعِظَام على السُّلْطَان من مَال بَيت المَال لِأَن مَنْفَعَتهَا ترجع إِلَى عَامَّة النَّاس فَيكون مؤونة ذَلِك فِي مَال الْعَامَّة وَهُوَ مَال بَيت المَال...) انتهى.

- جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:

(الْكَرْيُ: إِخْرَاجُ الطِّينِ مِنْ أَرْضِ النَّهْرِ وَحَفْرُهُ وَإِصْلاَحُ ضِفَّتَيْهِ، وَمُؤْنَةُ الْكَرْيِ وَجَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الإِصْلاَحِ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، لأَنَّهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ، أَجْبَرَ الْحَاكِمُ النَّاسَ عَلَى إِصْلاَحِ النَّهْرِ إِنِ امْتَنَعُوا عَنْهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَتَحْقِيقًا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ...


كَرْيُ، الأْنْهَارِ الْعَامَّةِ كَالنِّيل وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ يَكُونُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، لأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَرْيِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَال، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ... وَلَوْ خِيفَ مِنْ هَذِهِ الأَنْهَارِ الْغَرَقُ فَعَلَى السُّلْطَانِ إِصْلاَحُ مَسَنَاتِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَال.).


- جاء في كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ما يلي:

* ([ (الْمَادَّةُ 1238) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ]

الْمَادَّةُ (1238) - (الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ. وَهِيَ الْأَنْهَارُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي مُقَاسِمٍ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ - مُبَاحَةٌ أَيْضًا كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ والطونة والطونجة) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ وَهِيَ الْأَنْهَارُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي مُقَاسِمٍ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ كَالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ فَلِذَلِكَ لِكُلٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا لِلْعَامَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1254) وَذَلِكَ أَنَّ لَهُ فَتْحَ جَدْوَلٍ وَأَنْ يُجْرِيَ مِنْهُ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ وَأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ وَأَنْ يُنْشِئَ طَاحُونًا وَأَنْ يَتَّخِذَ سَانِيَةً وَمَشْرَعَةً (الْبَهْجَةُ).

أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ بِأَنْ تَفِيضَ الْمِيَاهُ وَتُفْسِدَ حُقُوقَ النَّاسِ أَوْ تَمْنَعَ سَيْرَ السُّفُنِ فَلِكُلِّ النَّاسِ حَقُّ مَنْعِهِ، هَذَا فِي الْأَنْهَارِ وَأَمَّا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِنْ ضَرَّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَسَيُبْحَثُ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1263 و 1264) عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَلِكُلِّ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ حَقُّ الشَّفَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَالْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ هِيَ كَنَهْرِ النِّيلِ الْجَارِي فِي الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ وَنَهْرِ الْفُرَاتِ الْجَارِي فِي الْعِرَاقِ وَدِجْلَةَ (وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا) وَشَطِّ الْعَرَبِ (وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ اجْتِمَاعِ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ) وَنَهْرُ الطونة (الدانوب) الَّذِي يَقَعُ قِسْمٌ مِنْهُ فِي بِلَادِ رُومَانْيَا وَنَهْرِ الطونجة الْمُسَمَّى أَيْضًا بِنَهْرِ الْمَرِيجِ الَّذِي يَجْرِي فِي مَدِينَةِ أدرنة فَهَذِهِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1249) يَحْصُلُ بِالْإِحْرَازِ وَوَضْعِ الْيَدِ وَإِحْرَازُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فَمَا دَامَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْهَارَ لَا تُحَرَّزُ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّاسِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1234) وَيَثْبُتُ لِكُلِّ النَّاسِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِيهَا حَسْبَ الْمَادَّةِ (1265) (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الشُّرْبِ وَالزَّيْلَعِيّ فِي الشُّرْبِ)...

[(الْمَادَّةُ 1265) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ الْأَنْهُرِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ]

الْمَادَّةُ (1265) - (لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ الْأَنْهُرِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَهُ أَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا وَمَجْرًى لِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَلِإِنْشَاءِ طَاحُونٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ بِالْآخَرِينَ فَلِذَلِكَ إذَا أَفَاضَ الْمَاءُ وَأَضَرَّ بِالْخَلْقِ أَوْ انْقَطَعَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ انْعَدَمَ سَيْرُ الْفُلْكِ فَيُمْنَعُ).

لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الشِّرْبِ وَحَقُّ الشَّفَةِ فِي الْأَنْهُرِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْ لَهُ سَقْيُ أَرَاضِيهِ، وَذَلِكَ لَوْ أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا قُرْبَ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ فَلَهُ شِقُّ جَدْوَلٍ وَإِسَالَةُ مَاءِ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ إلَى أَرْضِهِ الَّتِي أَحْيَاهَا (شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي الشِّرْبِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فُتِحَ الْجَدْوَلُ مِنْهُ مِلْكًا لَهُ وَلِكُلٍّ أَيْضًا أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَأَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ وَأَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا وَمَجْرَى فِي مِلْكِهِ أَوْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ مُجَدِّدًا أَوْ تَزْيِيدًا لِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَإِنْشَاءِ طَاحُونٍ كَأَنْ يَكُونَ لِلْجَدْوَلِ ثَلَاثَةُ مَنَافِذَ فَيُذِيدُهَا وَيَجْعَلُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَوْ خَمْسَةَ مَنَافِذَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الشِّرْبِ).


كَذَلِكَ لَوْ كَانَ نَهْرٌ كَبِيرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فِي قُرْبِ كَرْمِ أَحَدٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْكَرْمِ إنْشَاءَ سَانِيَةٍ عَلَى النَّهْرِ لِسَقْيِ كَرْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْآخَرِينَ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الْكُرُومِ وَالسَّوَانِي الْوَاقِعَةِ تَحْتَ كَرْمِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي عَدَمِ رِضَائِهِمْ.

وأنت لا شك تعلم أن مجلة الأحكام كانت هي المطبقة في الدولة العثمانية أي أن هذه الأحكام المذكورة في الأعلى كانت الدولة تطبقها وتعتمدها، وهذا كله يدل على كيفية تعامل الدولة الإسلامية مع الاستفادة من الأنهار العظيمة...


3- إذا كان النهر العظيم واقعاً كله من منبعه إلى مصبه داخل سلطان الدولة الإسلامية فإنه لا يوجد إشكاليات في الاستفادة من مياهه ومن التنقل فيه وفق الأحكام الشرعية التي ذكرنا بعضها في الأعلى... ولا يضر أن يكون النهر جارياً في ولايات متعددة لأن الولايات كلها ضمن سلطان الدولة وتقسيمها ضمن حدود جغرافية معينة هو ناحية إدارية... وإذا اقتضى الانتفاع بالأنهر العظيمة حصول ترتيبات معينة بين الولايات المختلفة فإن الخليفة يتخذ من التدابير الإدارية التنسيقية ما يكفل حصول الانتفاع من الولايات المختلفة على أحسن وجه متيسر...


4- إذا اقتضى تنظيم استعمال النهر العظيم والاستفادة من مياهه أن تتدخل الدولة بوضع تنظيم تفصيلي لذلك فإن الدولة ستضع أنظمة إدارية تنظم أمور السقي والتنقل وغيرها... وفي ظل التطور المادي التكنولوجي الحالي فإن الراجح أن الدولة هي التي ستقوم بتنظيم مشاريع الري وتوصيل المياه إلى البيوت والمزارع وتنظيم حركة السفروالتنقل في الأنهار... وللدولة أن تضع رسوماً على هذه الاستعمالات وعلى الاستفادة منها على أن تضع الربح الناتج عن ذلك في بيت مال المسلمين في باب واردات الملكيات العامة.

5- إذا كانت أجزاء من النهر العظيم واقعة خارج سلطان الدولة الإسلامية فإن الدولة تقوم إذا اقتضى الأمر بعقد اتفاقيات ثنائية مع الدولة ذات العلاقة وفق أحكام الشرع وذلك لتنظيم استعمال النهر دون إخلال بمصالح الدولة الإسلامية ووفق الأحكام الشرعية المتعلقة بالملكيات العامة... وإذا حصل تعد من الدول الأخرى بمنع ماء النهر العظيم عن الدولة الإسلامية أو باستغلاله على نحو يضر بمصلحة المسلمين فإن الدولة تتخذ من الإجراءات السياسية والاقتصادية والعسكرية ما يمكنها من رفع الضرر الحاصل من قبل الدول الأخرى حتى لو وصل الأمر إلى انتزاع الحق بالقيام بحرب ضد الدولة المعتدية.

6- ألفت النظر إلى أن الدول المتشاطئة على أنهار عظيمة لم تكن في العصور السابقة تمنع بعضها بعضاً من الانتفاع بمياه النهر العظيم (النهر الدولي) بل كانت جميع الدول المتشاطئة تستفيد من النهر دون إشكال... ولم تظهر مشاكل الأنهار الدولية إلا في عصر الاستعمار الغربي الذي اتخذها وسيلة للاستعمار ولممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول الأخرى.

7- إن الحق في الملكية العامة هو لرعايا الدولة الإسلامية وليس للدول الأخرى، ولذلك فإن الدولة تفرض رسوماً على استعمال الدول الأخرى للأنهار الواقعة ضمن سلطان الدولة الإسلامية ولها أن تبيعها من مياهها أو من الكهرباء المنتجة منها أو نحو ذلك... وتضع الأرباح المتحققة من ذلك في بيت المال لينفق على الوجه الذي تجيزه الأحكام الشرعية.


8- تراعي الدولة في التنظيمات التي تضعها للانتفاع بالأنهار العظيمة وتقسيم مياهها والتنقل فيها على عدم جفاف تلك الأنهار وانقطاع مجاريها أو تلوث مياهها أو حصول أي ضرر آخر، وتسعى مباشرة إلى إزالة أي ضرر يحصل بشكل غير مقصود... وتعتمد سياسات مائية تتسم بالعدل في تقسيم الحصص المائية وتتسم في الوقت نفسه بالحفاظ على هذه المصادر المائية على أفضل وجه متيسر... وهذا كله غير منفك عن السياسات الاقتصادية والبيئية العامة التي ترسمها الدولة.


9- ويلحق بما سبق ذكره تنظيم الدولة الانتفاع بالثروة السمكية في الأنهر العظيمة وتمكين الناس من الصيد ونحوه ...إلخ


إني آمل أن يكون في هذا الجواب المختصر كفاية... وتمام ذلك يكون في حينه إن شاء الله.

الثاني عشر من صفر الخير 1438هـ

 
12/11/2016م
 



إقرأ أيضا:-