Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال
ما وراء رفع سعر الفائدة في أمريكا!

السؤال:

بتاريخ 2017/3/15، أعلنت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (جانيت يلين) أن لجنة السوق المفتوحة التابعة للفدرالية قرّرت بين عشية وضُحاها رفع معدل سعر الفائدة (الربا) بنسبة رُبْع نقطة مئوية، وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها رفع سعر الفائدة (الربا) خلال ثلاثة أشهر، كما تمّت الإشارة إلى أنّه سيتمّ رفعها مرتين لاحقاً خلال هذا العام... والمعروف أن رفع الفائدة (الربا) يعني تعافي الاقتصاد مع أن الاقتصاد الأمريكي ما زال يعاني من الأزمات، فما تفسير ذلك؟ ولك الشكر.
الجواب:
لقد تمّ تخفيض أسعار الفائدة (الربا) في أمريكا إلى ما يقرب الصفر خلال الأزمة المالية سنة 2008م، وبقيت كذلك مدة سبع سنوات أي لغاية شهر كانون الأول/ديسمبر من سنة 2015م، ذلك الوقت الذي أشارت فيه يلين أيضاً إلى رفع أسعار الفائدة (الربا) لمرات عدة خلال سنة 2016م، ومع ذلك فإن تنفيذ رفع أسعار الفائدة (الربا) قد باء بالفشل، ولم يتمّ إلا رفع الفائدة (الربا) التي كانت في نهاية العام، ولفهم الأسباب لرفع الفائدة (الربا) أو تخفيضها نذكر ما يلي:

1- إنّ الهدف من تحديد سعر الفائدة (الربا) التي تتم عملياً من خلال قرارات بيع وشراء سندات الخزانة الأمريكية هو لتحديد سياسة النقد، وخصوصاً معرفة مدى توفُّر العملة النقدية في الأسواق الأمريكية، وهذا ضروري لسببيْن أساسييْن:

  * لأن نقص العملة النقدية في الأسواق إذا كان سعر الفائدة (الربا) مرتفعاً يبطئ من النمو الاقتصادي، وذلك لعدم إقبال الناس على الاقتراض من البنوك بسبب رفع سعر الفائدة (الربا).
  * ولأن زيادة العملة النقدية في السوق إذا كان سعر الفائدة (الربا) منخفضاً يقود إلى التضخُّم، وذلك بسبب زيادة النقد المعروض في الأسواق بسبب الإقبال على الاقتراض لانخفاض سعر الفائدة (الربا).

2- كانت يلين تقول منذ سنة 2015م إنّ سعر الفائدة (الربا) بحاجة إلى رفع؛ لأنّ الركود الاقتصادي الذي بدأ منذ فترة طويلة في أمريكا انتهى، والنمو الاقتصادي يتحسن، ولأن رفع أسعار الفائدة (الربا) الآن أفضل من رفعها بعد بدء التضخُّم. هذه هي فلسفة يلين الاقتصادية في رفعها لمعدل سعر الفائدة (الربا)...

3- إن هذه الحجة غير مقنعة؛ لأن الاقتصاد الأمريكي ما زال ضعيفاً، إلا أن سياسة النقد الأمريكية، بل والغربية، مرتبطة بقرارات السياسيين، وليست مبنيّة على عوامل اقتصادية بحتة كما يفترض أن تكون، وكما يفترض أيضاً أن تكون قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مستقلة عن سياسة الحكومة، ولكن الحقيقة هي أن القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة (الربا) هي سياسية بامتياز وتسير بحسب المتطلبات السياسية والاقتصادية، فالمحافظون السبعة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتمّ تعيينهم من قِبَل الرئيس الأمريكي وبموافقة مجلس الشيوخ لمدة أربع عشرة سنة، كما يتمّ تعيين الرئيس ونائبه من داخل مجلس المحافظين الموجودين من قِبَل الرئيس الأمريكي لمدة أربع سنوات، ويمكن إعادة تعيينهم خلال فترة ولايتهم مرات عدة بحسب رغبة الرئيس الأمريكي.

4- من الناحية العملية فإن قرارات سياسة النقد الأمريكي تتأثر بعاملين سياسييْن؛ أحدهما محلّي، والآخر عالمي:

  * على الصعيد المحلي، يرغب الرؤساء الأمريكيون في تنمية الاقتصاد الأمريكي بقوة وقت الانتخابات، لأنّ الاقتصاد القويّ من شأنه أن يدعم إعادة انتخاب الرئيس أو مرشح حزبه.

  * أما على الصعيد الدولي، فإنّ أمريكا تتنافس بقوة مع اقتصادات الدول الأخرى، وفي هذه الأوقات لا تزال اقتصادات العالم ضعيفة بسبب آثار الركود الاقتصادي العالمي سنة 2008م، فأسعار الفائدة (الربا) في أوروبا واليابان كانت نحو الصفر، ورفع أسعار الفائدة (الربا) في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تدفق أموال هائلة باتّجاه أمريكا، ممّا قد يكون له آثار كارثية على اقتصادات الدول الأخرى!

5- إن رفع معدل الفائدة (الربا) في الولايات المتحدة حالياً سيكون مؤلماً للاقتصادات العالمية الأخرى، وإنْ لم يكن بالقدر الذي كان عليه العام الماضي، وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 2017/3/9م حول أوروبا التالي: قد يكون رفع أسعار الفائدة (الربا) بشكل رسمي بعيداً لسنوات، وقد ترك البنك المركزي الأوروبي مؤشّر أسعار الفائدة (الربا) دون تغيير، وقال بأنّه سيواصل إجراءات تحفيزية لشراء سندات حكومية وسندات شركات حتى نهاية العام، وإن كان ذلك على مستوى منخفض اعتباراً من شهر نيسان/أبريل القادم.

6- وقد أدركت الصين قصد أمريكا من رفع معدل الفائدة (الربا) لمضايقة أوروبا وسحب رؤوس الأموال إليها فقامت برفع معدل الفائدة (الربا) بالتزامن مع الرفع الأمريكي لمنع هروب الأموال الصينية للفائدة المرتفعة في أمريكا وكذلك للمشاركة في استقطاب الأموال الأوروبية، وهكذا اضطّرت الصين إلى أن تُعلن عن زيادة معدل الفائدة (الربا) فور صدور القرار الأمريكي، وذلك بحسب تقرير نُشر بتاريخ 2017/3/16م على موقع بلومبيرج بعنوان “بنك الشعب الصيني يرفع تكاليف الاقتراض بالتزامن مع البنك الفيدرالي”، فرفْع البنك المركزي الصيني تكاليف الاقتراض سببه أنّ الاقتصاد المستقرّ وانتعاش المصانع يُتيح المجال لمتابعة الاحتياطي الفيدرالي في تشديد سياسته.

7- والخلاصة أن رفع معدل الفائدة (الربا) في أمريكا ليس سببه تعافي الاقتصاد الأمريكي وإنما لجلب رؤوس الأموال من أوروبا للحصول على فائدة مرتفعة عن بلادهم حيث الفائدة (الربا) هناك نحو الصفر، فالغرض ليس اقتصادياً فحسب بل فوق ذلك للمساهمة في إضعاف أوروبا ما يُدخلها في أزمات تقود إلى تفكيكها...

التاسع والعشرون من جمادى الآخرة 1438هـ

 
28/03/2017م
 



إقرأ أيضا:-