Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”
جواب سؤال
الثغرات في السلوك لا تخرج المسلم عن عقيدته الإسلامية
إلى عبد الجليل زين

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم ونصركم وجزاكم خيرا شيخنا الكريم
شيخنا الكريم

ورد في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول أن هناك أعمالا تخالف العقيدة يعملها المسلمون ولكنها لا تخرجهم من العقيدة، وتم التوضيح أنه قد يغفو المسلم فيغفل ربط مفاهيمه بعقيدته، أو يجهل تناقض هذه المفاهيم مع العقيدة، أو قد يطغى عليه الشيطان فيجافي هذه العقيدة في عمل من الأعمال...
فكيف يبقى مسلما حينما يعمل عملا مخالفا للعقيدة الاسلامية؟

فلو أن مسلما كفر أخاه المسلم أليس يكون بذلك قد باء بها أحدهما وتلفظه هنا كفر؟

وأعرف أن الأعمال تشمل الألفاظ أو الحركات، فلو سجد مسلم لصنم يكون بذلك كافرا

أرجو منكم توضيح الأعمال التي تخالف العقيدة ويبقى المسلم مسلما رغم عملها؟

وهل يشمل هذا الحكم بغير ما أنزل الله وبالعلمانية الكافرة وغيرها؟؟
وجزاكم الله خيرا

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً: إن سؤالك هو عما جاء في مبحث “ثغرات في السلوك” في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول، والمقصود بالصياغات الواردة هناك من مثل قوله: “يشاهد في كثير من المسلمين ظهور أعمال تخالف عقيدتهم الإسلامية...” وقوله: “... ذلك أنه قد يغفو الإنسان فيُغفل ربط مفاهيمه بعقيدته، أو قد يجهل تناقض هذه المفاهيم مع عقيدته أو مع كونه شخصية إسلامية، أو قد يطغى الشيطان على قلبه فيجافي هذه العقيدة في عمل من الأعمال، فيقوم بأعمال تخالف هذه العقيدة” ونحوها من صيغ، المقصود منها ليس ما ذهبت إليه في سؤالك من القيام بأعمال تخرج صاحبها عن العقيدة الإسلامية، بل المقصود هو القيام بأعمال محرمة وبمعاص تخالف ما توجبه العقيدة الإسلامية من النزول عند الأحكام الشرعية وعدم مخالفتها، وقد جاء تفسير ذلك في أكثر من موضع في المبحث المذكور، فقد جاء مثلاً:

• “والحقيقة أن وجود ثغرات في سلوك المسلم لا يخرجه عن كونه شخصية إسلامية. ذلك أنه قد يغفو الإنسان فيُغفل ربط مفاهيمه بعقيدته، أو قد يجهل تناقض هذه المفاهيم مع عقيدته أو مع كونه شخصية إسلامية، أو قد يطغى الشيطان على قلبه فيجافي هذه العقيدة في عمل من الأعمال، فيقوم بأعمال تخالف هذه العقيدة، أو تتناقض مع صفات المسلم المتمسك بدينه أو ضد أوامر الله ونواهيه. ويقوم بذلك كله أو بعضه في الوقت الذي لا يزال يعتنق هذه العقيدة ويتخذها أساساً لتفكيره وميوله. ولذلك لا يصح أن يُقال إنه في مثل هذه الحال خرج عن الإسلام أو أصبح شخصية غير إسلامية. لأنه ما دامت العقيدة الإسلامية تُعتنق من قِبَله فهو مسلم، وإن عصى في عمل من الأعمال.”

• “... ولذلك لا يُستغرب أن يعصي المسلم فيخالف أوامر الله ونواهيه في عمل من الأعمال. فقد يرى المرء الواقع يتناقض مع ربط السلوك بالعقيدة. وقد يُخيَّل إليه أن مصلحته موجودة فيما فعله ثم يندم ويدرك خطأ ما فعل ويرجع إلى الله. فهذه المخالفة لأوامر الله ونواهيه لا تطعن في وجود العقيدة عنده، وإنما تطعن في تقيده بهذا العمل وحده بالعقيدة. ولذلك لا يعتبر العاصي أو الفاسق مرتداً، وإنما يعتبر مسلماً عاصياً في العمل الذي عصى به وحده، ويعاقب عليه وحده، ويبقى مسلماً ما دام يعتنق عقيدة الإسلام.” انتهى الشرح من الشخصية.

• وواضح من هذا الشرح أن المقصود هو القيام بأعمال محرمة ومخالفات شرعية لا تخرج المسلم عن عقيدته الإسلامية كأن يشرب الخمر أو يسرق أو ينظر إلى عورة محرمة أو نحو ذلك... فيكون بتلك المعاصي عاصياً فاسقاً ولا يكون كافراً ما دام يؤمن بالعقيدة الإسلامية.

ثانياً: أما القيام بأعمال من قبيل السجود للأصنام أو أداء صلاة اليهود أو النصارى، فهذا ليس مخالفة للعقيدة ومجافاة لها فقط، بل هو فوق ذلك خروج عن العقيدة الإسلامية وعن الإسلام كله... ومن يقوم بمثل هذه الأعمال فإنه يرتد عن دينه... وقد سبق أن فصلنا هذا في جواب سؤال للفيس في 30/4/2017 عن تجنب الكفر والموت على الإسلام.

ثالثاً: أما الحكم بغير ما أنزل الله ففيه تفصيل سبق أن بيناه في أكثر من جواب، وملخصه أن الحكم بأحكام الكفر هو عمل من الأعمال، فإن كان هذا العمل ينم عن اعتقاد صاحبه أي يدل على أن صاحبه لا يؤمن بالإسلام ويحكم بالكفر عن اعتقاد عدم صلاحية أحكام الإسلام فإن من يقوم بهذا العمل يكون كافراً، وأما من يقوم بالحكم بالكفر ولكنه يقر بأن الإسلام هو الصحيح وأنه الذي يجب الحكم به ففي هذه الحالة يكون من يقوم بهذا العمل ظالماً وفاسقا وليس كافراً... وقد أشارت إلى ذلك آيات سورة المائدة الثلاث وهي عن الحكم بغير ما أنزل الله، فواحدة منها تصف من يحكم بغير ما أنزل الله بالكفر، والثانية تصفه بالفسق، والثالثة تصفه بالظلم... يقول الله سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾،... ومعرفة واقع الحاكم بغير ما أنزل الله ضرورية لصحة الحكم عليه.

ومما يجب لفت النظر إليه أنه لا يجوز التساهل في تكفير الناس، فمن ولد من أبوين مسلمين فهو مسلم، وحتى يُحكم بكفره يجب أن يكون هناك دليل قطعي بكفره، فحتى لو كان 90% من الأدلة بكفره، و10% من الأدلة بإسلامه فلا يحكم بكفره، وإنما تتابع أعماله ويحاكم على هذه الأعمال المخالفة للشرع باعتباره فاسقاً أو عاصياً أو ظالماً، ولكن لا يحكم بكفره ما دام الدليل القطعي على كفره غير قائم. وموضوع التكفير يتسبب في إزهاق أرواح، وفي تطبيق أحكام الردة، وقد يترتب عليه مآس وجرائم إذا لم يتم التحقق من حصول الكفر بإقامة الحجة القاطعة...

إن هذا أمر مهم، والأدلة الشرعية تدل عليه ومنها:

1- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، وفي أسباب نزول هذه الآية وردت أحاديث منها:
روى أحمد في مسنده عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسـلم إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: فَصَبَّحْنَاهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِذَا أَقْبَلَ الْقَوْمُ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْنَا، وَإِذَا أَدْبَرُوا كَانَ حَامِيَتَهُمْ، قَالَ: فَغَشِيتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ وَقَتَلْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسـلم فَقَالَ: “يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟” قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا مِنَ الْقَتْلِ. فَكَرَّرَهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ».

2- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسـلم: «لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » رواه أحمد في مسنده.

3- جاء في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسـلم قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»، وروى مسلم في صحيحه عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسـلم قَالَ: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».

وعليه فلا يصح التسرع والتساهل في الحكم على المسلم بالكفر، بل لا بد من التثبت والتحقق...

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس
رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر

رابط الجواب من صفحة الأمير ويب

10 شعبان 1438هـ

 
07/05/2017م
 



إقرأ أيضا:-