Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”
جواب سؤال
طلب النصرة من أهل القوة
إلى زياد ولويل - kamel A.j.Saleh - Fozi Ibrahem Alshouha

1- سؤال زياد ولويل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخ عطاء، سؤالي عن طلب النصرة: لقد ذكر الحزب في مواطن عدة أن النبي بعدما تحجر المجتمع المكي ذهب ليطلب النصرة من القبائل...
هنا يوجد لدي إشكال في بعض ما نقل ولدى الكثير من القراء من الحزب وغير الحزب عندما كان يعرض النبي على المشركين الإسلام، هل كان يدعوهم لنصرته أم أنه يدعوهم للإسلام أم أنه كان يدعوهم للإسلام ومن ثم نصرته؟ ولو فرضنا أن قادة القبائل آمنوا، هل هذا يعني أنهم مستعدون للتضحية؟ وهل يعقل أن النبي مثلا يرفض إسلامهم...إلخ؟

2- سؤال kamel A.j.Saleh:

لو سمحتم.. هل كان الرسول ﷺ يطلب النصرة من الكفار وهم على كفرهم.. أم كان يطلب منهم أن يؤمنوا أولا..؟؟
- وهل يجوز طلب النصرة من كافر...؟!

- يبدو أن سؤالي غير واضح لذلك اسمحوا لي أن أعيده بشكل آخر...

هل كان ﷺ يطلب النصرة منهم وهم على شركهم أم كان يشترط أن يسلموا قبل أن ينصروه.. أم كان هدفه النصرة سواء أسلموا أم ظلوا كفارا؟..

3- سؤال Fozi Ibrahem Alshouha:

هل أمر الله رسوله بالذهاب إلى الطائف والقبائل العربية لطلب النصرة أم الأمر كان بطلب النصرة ورسول الله اختار القبائل القوية؟

هل أهل النصرة الذين طلب منهم الرسول النصرة كانوا قادة سياسيين تتبعهم القوة؟ أم كانوا قادة عسكريين؟

يعني هل طلب منهم النصرة بصفتهم وسطا سياسيا كانوا في المدينة أم أهل قوة عسكرية؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إن أسئلتكم متشابهة فأجيبكم معاً بإذن الله:

1- إن الرسول ﷺ لا يفعل فعلاً من الأفعال إلا بوحي من الله سبحانه على النحو الذي بيَّنَّاه في الشخصية الثالث باب أفعال الرسول ﷺ، فقد جاء فيه:

(أفعال الرسول ﷺ ثلاثة أقسام:

......
- القسم الثالث: ما ليس من الأفعال الجبلية، وليس مما اختص به ﷺ، أي سائر الأفعال، وهذه لا نزاع في أننا مأمورون بالاقتداء فيها بالرسول ﷺ، ولا نزاع في أنها دليل شرعي كأقواله وسكوته، فيجب العمل به لأنه فعله ﷺ؛ لقوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ ولقوله تعالى: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ﴾ وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي﴾ وهذا صريح وواضح وظاهر في العموم، فيشمل كل ما يقوم به الرسول ﷺ من أعمال، كما يشمل الأقوال ويشمل السكوت؛ ولذلك كان اتباع الرسول ﷺ في جميع أفعاله التي صدرت عنه، مما ليس مختصاً به، ومما ليس من الأفعال الجبلية، واجباً على كل مسلم؛ لأن الرسول ﷺ لا يتبع إلا ما يوحى إليه. غير أن وجوب اتباع الرسول ﷺ، لا يعني وجوب القيام بالفعل الذي فعله، بل يعني وجوب الاتباع حسب الفعل، فإن كان الفعل مما يجب، كان القيام به واجباً، وإن كان القيام به مما يندب، كان القيام به مندوباً، وإن كان الفعل مباحاً، كان القيام به مباحاً. فالاتباع واجب حسب ما جاء في الفعل، وهو مثل اتباع أوامر الرسول، فالله تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فدل ذلك على وجوب طاعة الرسول ﷺ فيما يأمر به، ولكنه لا يدل على وجوب القيام بما يأمر به، بل يكون القيام به حسب ما أمر به، فإن أمر به على الوجوب كان القيام به واجباً، وإن أمر به على الندب كان القيام به مندوباً، وإن أمر به على الإباحة كان القيام به مباحاً. وكذلك أفعاله ﷺ يجب اتباعها، ولكن القيام بها حسب ما جاءت به الأفعال...)
2- وهكذا فقد طلب الرسول ﷺ النصرة بإذن من الله سبحانه وكان ذلك في أواخر مرحلة التفاعل حيث اشتد العداء لرسول الله ﷺ في السنة العاشرة للبعثة:

- جاء في عيون الأثر:

(...عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ رضي الله عنها بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، وَهِيَ أول من آمن بالنبي ﷺ، قَالَ... ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ مَاتَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ مُصِيبَتَانِ: وفاة خَدِيجَةَ وَأَبِي طَالِبٍ، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الإِسْلامِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْكُنُ إِلَيْهَا، قَالَ: وَقَالَ زياد البكائي عن ابن إسحاق: إِنَّ خَدِيجَةَ وَأَبَا طَالِبٍ توفيا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ ذلك بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ مَضَيْنَ مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مُهَاجِرِهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ خَدِيجَةَ تُوُفِّيَتْ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ نَحْوَهُ.) انتهى
- وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ: (تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَبِي طَالِبٍ بِخَمْسٍ وَثَلاثِينَ لَيْلَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ فِيهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ، حَتَّى اعْتَرَضَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ فَنَثَرَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَاباً، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَهُ وَالتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ فَجَعَلَتْ تَغْسِلُ عَنْهُ التُّرَابَ وَهِيَ تَبْكِي ورَسُول اللَّهِ ﷺ يقول: «لا تبك يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكِ» وَيَقُولُ بَيْنَ ذَلِكَ: «مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئاً أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ»)

3- في هذه الظروف الصعبة أكرم الله رسوله ﷺ بحدثين كبيرين عظيمين، وهما الإسراء والمعراج، والإذن للرسول ﷺ بطلب نصرة أهل القوة من القبائل لحماية الدعوة وإقامة الدولة... وموضوع الإسراء والمعراج ليس هنا مكانه، وأما طلب النصرة، فقد كانت البداية من الطائف ولم يستجيبوا... بل أغروا بِهِ ﷺ سُفَهَاءَهُمْ... ثم تتابعت أعمال النصرة بعد ذلك...

وكان الرسول ﷺ عند طلب النصرة يعمد لأولي القوة والمنعة أي رؤساء القبائل الكبيرة ذات الشأن وليس الصغيرة، وقبل طلب نصرتهم يدعوهم للإسلام فإن استجابوا طلب نصرتهم طلباً صريحاً واضحاً بإقامة دولة تحكم بما أنزل الله وتجاهد في سبيل الله ولذلك اشترط بعضهم أن يكون الحكم لهم بعد رسول الله ﷺ واشترط آخرون جهاد العرب أما الفرس فلا... وإليك المزيد من التوضيح:

السيرة النبوية لابن كثير 2/ 155

- روى الحافظ أبو نعيم من طريق عبد الله بن الأجلح ويحيى بن سعيد الأموي، كلاهما عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن العباس قال: قال لي رسول الله ﷺ: “لا أرى لي عندك ولا عند أخيك منعة، فهل أنت مخرجي إلى السوق غدا حتى نقر في منازل قبائل الناس” وكانت مجمع العرب.

قال: فقلت: هذه كندة ولفها، وهي أفضل من يحج البيت من اليمن، وهذه منازل بكر بن وائل، وهذه منازل بني عامر بن صعصعة، فاختر لنفسك. قال: فبدأ بكندة فأتاهم فقال: ممن القوم؟ قالوا: من أهل اليمن. قال: من أي اليمن؟ قالوا: من كندة قال: من أي كندة؟ قالوا: من بني عمرو بن معاوية. قال: فهل لكم إلى خير؟ قالوا: وما هو؟ قال: «تشهدون أن لا إله إلا الله وتقيمون الصلاة وتؤمنون بما جاء من عند الله». قال عبد الله بن الأجلح: وحدثني أبي عن أشياخ قومه، أن كندة قالت له: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك؟ فقال رسول الله ﷺ: «إن الملك لله يجعله حيث يشاء». فقالوا: لا حاجة لنا فيما جئتنا به.

- قال أبو بكر: ثم انتهينا إلى مجلس عليه السكينة والوقار، وإذا مشايخ لهم أقدار وهيئات، فتقدم أبو بكر فسلم.

قال علي: وكان أبو بكر مقدما في كل خير. فقال لهم أبو بكر: ممن القوم؟ قالوا من بني شيبان بن ثعلبة، فالتفت إلى رسول الله ﷺ فقال: بأبي أنت وأمي ليس بعد هؤلاء من عز في قومهم. وفي رواية: ليس وراء هؤلاء عذر من قومهم، وهؤلاء غرر في قومهم، وهؤلاء غرر الناس. وكان في القوم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك.

وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق بن عمرو، وكان مفروق بن عمرو قد غلب عليهم بيانا ولسانا، وكانت له غديرتان تسقطان على صدره، فكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر... قال مفروق: لعلك أخو قريش؟ فقال أبو بكر: إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هو هذا. فقال مفروق: قد بلغنا أنه يذكر ذلك. ثم التفت إلى رسول الله ﷺ [فقال: إلام تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله ﷺ، فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال ﷺ: «أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله، وأن تؤووني وتنصروني حتى أؤدي عن الله الذي أمرني به، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله، وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد...»... فقال له مفروق: وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. فتلا رسول الله ﷺ: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون﴾.

فقال له مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.

وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا... إن من ورائنا قوما نكره أن نعقد عليهم عقدا. ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر... وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا... فقال المثنى: قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش، وأعجبني ما تكلمت به، والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة، وتركنا ديننا واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا، وإنا إنما نزلنا بين صريين أحدهما اليمامة، والآخر السماوة.

فقال له رسول الله ﷺ: وما هذان الصريان؟ فقال له: أما أحدهما فطفوف البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا، ولا نؤوي محدثا، ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك، فأما ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وأما ما كان [مما] يلي بلاد فارس فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول. فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا.

فقال رسول الله ﷺ: «ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق، إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه».

سيرة ابن هشام1/ 424

(عَرْضُ الرّسُولِ ﷺ نَفْسَهُ عَلَى بَنِي عَامِرٍ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي الزّهْرِيّ أَنّهُ أَتَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ - يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فِرَاسُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَلَمَةَ (الْخَيْرِ) بْنِ قُشَيْرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ -: وَاَللّهِ لَوْ أَنّي أَخَذْت هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، لَأَكَلْتُ بِهِ الْعَرَبَ، ثُمّ قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ نَحْنُ بَايَعْنَاك عَلَى أَمْرِك، ثُمّ أَظْهَرَك اللّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَك، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِك؟ قَالَ: «الْأَمْرُ إلَى اللّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ» قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَفَتُهْدَفُ نَحُورُنَا لِلْعَرَبِ دُونَك، فَإِذَا أَظْهَرَك اللّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا؟ لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِك.

وأخيراً كانت العقبة الثانية وواضح منها أن البيعة كانت من مسلمين مكث معهم مصعب مدة يعلمهم الإسلام... ثم كانت بيعة العقبة الثانية والهجرة وإقامة الدولة، ولمزيد من التوضيح:

- جاء في سيرة ابن هشام وفي حدائق الأنوار وغير ذلك من السير: (ثُمَّ إنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ، وَخَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْمَوْسِمِ من السنة الثالثة عشرة للبعثة مَعَ حَجَّاجِ قَوْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَوَاعَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْعَقَبَةَ، مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، حِينَ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ مَا أَرَادَ مِنْ كَرَامَتِهِ، وَالنَّصْرِ لِنَبِيِّهِ، وَإِعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَإِذْلَالِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ... قَالَ كَعْبٌ: ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الْحَجِّ، وَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْعَقَبَةِ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ الْحَجِّ، وَكَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَهَا... قَالَ: فَنِمْنَا تَلِكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا، حَتَّى إذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمَعَادِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، نَتَسَلَّلُ تَسَلُّلَ الْقَطَا مُسْتَخْفِينَ، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلاً، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِنَا... قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ... قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَتَلَا الْقُرْآنَ، وَدَعَا إلَى اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ: «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ». قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ (نَبِيّاً)، لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَحْنُ وَاَللَّهِ أَبْنَاءُ الْحُرُوبِ، وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِراً (عَنْ كَابِرٍ). قَالَ: فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ، وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالاً، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا - يَعْنِي الْيَهُودَ - فَهَلْ عَسَيْتَ إنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: «فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ الدَّمَ الدَّمَ، وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ...»  قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ الْوَلِيدِ، عَنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَيْعَةَ الْحَرْبِ - وَكَانَ عُبَادَةُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ...) انتهى

4- وهكذا تمت بيعة العقبة الثانية، بيعة النصرة بعد أن فشا الإسلام في المدينة، ثم الهجرة فإقامة الدولة. ويتبين من كل ذلك أن الرسول ﷺ كان مأموراً بطلب النصرة منذ السنة العاشرة للبعثة، أي قبل بيعة العقبة بنحو ثلاث سنين حيث كانت بيعة العقبة الثانية في موسم السنة الثالثة عشرة للبعثة، أي أن الرسول ﷺ كان موحى إليه بأعمال طلب النصرة، فيبحث عن أهل القوة من القبائل ويطلب نصرتهم، ولما جاءته أخبار المدينة من مصعب بن عمير، ثم جاء الثلاثة والسبعون رجلاً والمرأتان فبايعوا الرسول ﷺ بيعة العقبة الثانية، رأى رسول الله ﷺ أن المدينة مؤهلة لأن تنصره لإقامة الدولة وإعزاز الإسلام والمسلمين... ومع ذلك فإن الرسول ﷺ لم يهاجر إلى المدينة إلا بعد أن أراه الله سبحانه دار الهجرة، وأذن له ﷺ بالهجرة كما جاء في البخاري: (قال ابْن شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ، إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً... فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِلْمُسْلِمِينَ: «إِنِّي 

أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ» وَهُمَا الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»... قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْماً جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَقَنِّعاً، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَعَمْ»...).

والخلاصة:

• بدأ رسول الله ﷺ طلب النصرة بعد أن أذن الله سبحانه له ﷺ أي بوحي منه سبحانه.
• كان رسول الله ﷺ يدعو من يطلب نصرتهم أولاً إلى أن يُسلموا فإذا أسلموا يطلب نصرتهم.
• وكان رسول الله ﷺ يطلبها من أهل القوة القادرين ولذلك كان يعمد إلى القبائل القوية الكبيرة وليس الصغيرة، وكذلك إلى المدن ذات الشأن بالنسبة للمنطقة حولها وليس إلى التجمعات الصغيرة (القرى الصغيرة) للأعراب في البادية، أي يعمد إلى أولئك القادرين على أن يعينوا رسول الله ﷺ لإقامة الحكم بما أنزل الله والجهاد في سبيل الله، وكان هذا واضحاً لهم فيشترط بعضهم الحكم لهم بعد الرسول ﷺ ويشترط آخرون أن يجاهدوا العرب وأما الفرس فلا...إلخ

آمل أن يكون في ذلك جواب شاف كاف على أسئلة الإخوة الثلاثة، والله أعلم وأحكم.

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

رابط الجواب من المكتب الإعلامي المركزي
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

22 محرم 1441هـ

 
21/09/2019م
 



إقرأ أيضا:-