Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فكري”
جواب سؤال
ماذا يعني معقول النص؟
إلى يحيى أبو زينة

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
حفظكم الله شيخنا وأعانكم على حمل الأمانة وأيدكم بنصره القريب بإذنه تعالى.
اسمح لنا شيخنا بهذا السؤال حفظكم الله،
سؤال في أصول الفقه: لماذا اعتبرنا العلة معقول النص، ولم نعتبرها من المفهوم، مع أن العلة الدلالية ثابتة بدلالة التنبيه والإيماء، وهي من دلالة المفهوم؟ وماذا نعني بمعقول النص؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إن النص له منطوق ومفهوم، فإذا كان يمكن استنباط علة من المنطوق أو المفهوم فيقال إن لهذا النص معقولاً... أما إذا لم يمكن استنباط علة من المنطوق أو من المفهوم فيقال ليس لهذا النص معقول، فمثلاً قول الرسول ﷺ: «... وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ...»، أخرجه البخاري، فصحيح أن لهذا النص منطوقاً وهو زكاة الغنم السائمة، وله مفهوم وهو هنا مفهوم المخالفة أي في غير السائمة لا زكاة، ولكن يدل النص بألفاظه على علة أيضاً لأن كلمة “سَائِمَتِهَا” وصف مفهم، أي التي ترعى، ولذلك لو كانت معظم وقتها تعلف فلا تزكى، فهنا يقال إن لهذا النص بالإضافة إلى منطوقه ومفهومه فله علة أو بعبارة أخرى معقول النص.

وعليه فليس هناك تعارض بين أن يكون النص له منطوق ومفهوم وكذلك له معقول، لكن ليس كل نص كذلك، فقد يكون له منطوق ومفهوم ولكن لا يكون له معقول أي لا يستفاد منه علة، فمثلاً قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً﴾، فلهذا النص منطوق ومفهوم فهم التقطوه وهذا من المنطوق، ولكن ليس ليكون لهم عدواً بل إن عاقبة أخذه (مفهومه) هو أنه أصبح لهم عدواً، أي أن عاقبة هذا الأمر هو أن يكون لهم عدواً، فليس هنا علة... لكن مثلاً قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾، فهنا للنص منطوق ومفهوم وكذلك يستفاد منه علة، أي أن تأليف القلوب هو علة إعطائهم من الزكاة، فإذا أصبح الأمر لا يدعو إلى تأليف قلوبهم، أي كثر المسلمون وعزوا فلا يكون واقع المؤلفة قلوبهم موجوداً، ولذلك كان المؤلفة قلوبهم يعطون من الزكاة في أول الإسلام، فلما عز الإسلام وكثر المسلمون منع عمر إعطاءهم، فتأليف القلوب هنا علة دلالة بسبب الوصف المفهم لتأليف القلوب.

وبناء عليه فجواب سؤالك يكون على النحو التالي:

1- ليس هناك تعارض بين العلة دلالة المستنبطة من النص إذا كان فيه وصف مفهم وبين أن يكون للنص منطوق ومفهوم، وبعبارة أخرى قد يكون النص له منطوق ومفهوم وفي الوقت نفسه يستفاد منه علة دلالة، فلا تعني العلة دلالة بأنها لا تستنبط من النص سواء من منطوقه مثل العلة صراحة كقوله ﷺ: «إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ»، أخرجه البخاري، أو من مفهومه مثل العلة دلالة كما ذكرنا آنفاً في الحديث «... وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ...»، والآية ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾.
2- أما ما هو معقول النص فهو العلة الشرعية أي إن كان يفهم من النص بمنطوقه أو مفهومه علة فيقال إن لهذا النص معقولاً، وأما إن كان النص له منطوق ومفهوم لا غير ولا يستنبط منه علة فيقال إن هذا النص له منطوق ومفهوم وليس له معقول.
ولقد وضحنا هذه الأمور في كتبنا، وسأنقل لك بعض ما ورد في كتبنا:

- جاء في الشخصية الإسلامية الجزء الثالث صفحة 66-68: [والأدلة الشرعية نوعان: أحدهما يرجع إلى ألفاظ النص وما يدل عليه منطوقها ومفهومها، والثاني يرجع إلى معقول النص، أي يرجع إلى العلة الشرعية...].

- وكذلك ورد في الشخصية الإسلامية الجزء الثالث: صفحة: 347-349 في باب العلة:

[... فالنص إن لم يشتمل على علة كان له منطوق، وكان له مفهوم، وليس له معقول؛ فلا يلحق به غيره مطلقاً. ولكنه إن كان مشتملاً على علة، بأن اقترن الحكم فيه بوصف مفهم، فإنه يكون له منطوق، ويكون له مفهوم، ويكون له معقول؛ فيلحق به غيره. فوجود العلة جعل النص يشمل أنواعاً أخرى وأفراداً أخرى من الحوادث، لا بمنطوقه، ولا بمفهومه، بل بطريق الإلحاق؛ لاشتراكها مع ما جاء فيه في العلة. فالعلة إذن فيها شيء جديد زيادة على الدلالة على الحكم، وهو الأمر الباعث على تشريع هذا الحكم...]

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

رابط الجواب من المكتب الإعلامي المركزي
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على: الفيسبوك

16 ذو القعدة 1442هـ

 
27/06/2021م
 



إقرأ أيضا:-