Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

بـإقـامـة الخـلافـة
ننقذ أنفسنا وننقذ العالم

تحل ذكرى استقلال إندونيسيا في 17 آب، وتُقام الاحتفالاتُ بشكل روتيني في هذه الذكرى كل سنة. ولكن هل هو استقلال حقيقي، أو أن البلاد ما زالت ترزح تحت هيمنة الاستعمار؟ إن الاستعمار ما زال جاثماً على هذه البلاد من خلال التبعية الفكرية، والتبعية السياسية، والتبعية الاقتصادية، وحتى في جوانب كثيرة من التبعية العسكرية. إذ إن (الاستعمار هو فرض الهيمنة الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية من الدول المستعمِرة على الدول المستعمَرة من أجل استغلالها).
ولا بد من إيجاد الوعي عند الناس على الاستعمار وحقيقته وخطره. وحال البلاد ما زال كما كان، منذ مجيء الاستعمار البرتغالي ـ وهي أول دولة كافرة مستعمرة جاءت ـ إلى هذه البلاد. ثمّ حلّت هولندا محلها واستمرت الحال حتى اشتعلت نار البغض ضدها بين السكان، وأوقدت أمريكا هذه النار من أجل مصلحتها لإثارة المقاومة الشعبية في البلاد ضدّ الدول المستعمرة القديمة، ثم تحلّ محلها للاستعمار. وكانت البلاد منذ بداية استقلالها سنة 1945م مربوطة بأمريكا، كما هو المشاهد في اتفاقية لنغارجاتي، 27/5/1947م، ومعاهدة رنفيل. ومع ذلك، لم تنجح أمريكا بفرض نفوذها في البلاد، حتى أوجدت الثورات فيها، في سومطرة وسلاويسي للضغط على حكامها، وبسط يد المساعدة من أجل فرض نفوذها. وكان الرئيس الأمريكي الأسبق، هيربرت هوفر، في السابق قال: (علينا أن نتعلم كيف ننظم الانقلابات، ونخرب، وندمر ونقضي على أعدائنا بوسائل أكثر ذكاء وتطورا وفعالية من تلك التي يستعملون في مواجهتنا)، هذا ما هو مقرر في تقرير سري تمّ تقديمه إلى البيت الأبيض عام 1954م. واتخذت أمريكا هذه السياسة، وهي سياسة العدوان غير المباشر، حتى تمّ خضوع سوكارنو تحت نفوذها في الخمسينيات من القرن الماضي، وتمّت بذلك سيطرتها على البلاد.
وكما أخذت أمريكا هذه السياسة نفسها فيما يسمى بانقلاب مجلس الضباط سنة 1965م  واستغلته من أجل مصالحها في البلاد، وهي إسقاط الرئيس سوكارنو عن الحكم، بعد أن حدثت مأساة قتل الضباط من قبل الشيوعيين ـ حسب الاتهام ـ حتى تتحقق مصلحتها بقدوم سوهرتو من بعد ذلك إلى الحكم. وازداد نفوذها في البلاد عمقاً في عصر سوهرتو. ولكن تغيّر الحال قليلاً بتغير موقف سوهارتو من الإسلام والمسلمين في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، بعد أن كان يحارب الإسلام والمسلمين بالقـانون المدمّر (subversive law). وازدهر نشاط الإسلام شيئا فشيئا في البلاد، ونشأت حركات وجماعات إسلامية، وظهرت الحماسة الإسلامية بين السكان.
ولما حدثت الأزمات المالية في آسيا، بما فيها إندونيسيا، استغلتها أمريكا للضغط على سوهارتو، بما يسمى ببرنامج الإنقاذ الذي تلقاه من صندوق النقد الدولي، ويا للأسف زاد الطين بلة، وارتفع التضخّم المالي في البلاد إلى أقصى حد. وهكذا، إلى أن انتهى الأمر بسقوط سوهارتو عن الحكم مع أنّ أمريكا هي التي أتت به قبل 32 عاما، وقدمت له المساعدة ضد حكومة الرئيس سوكارنو (انظر «هل يستطيع العالم أن يقول لا للرأسمالية المعلوماتية» تأليف (عبد الحي زلوم) ص349). واستمرت الأزمة حتى أصبحت أزمات معقدة متتالية إلى يومنا هذا، بعد أن تمّ الاتفاق بين حكام إندونيسيا وصندوق النقد الدولي، بل صارت أكثر دقة وحراجة عما كانت عليه أيام سوهارتو.
ويستمر الأمر هكذا على الرغم من تغير الأشخاص في الحكم، إذ إنّ قضية تحرير البلاد ليست قضية تغير الحاكم من شخص إلى شخص آخر، بل إنّ الأنظمة القائمة هي التي لابد من تغييرها. فنفوذ أمريكا وغيرها من الدول المستعمرة ظل مستمراً بقوة في البلاد، لأن الأنظمة الرأسمالية هي المطبقة فيها، وهناك ثقة بصلاحيتها لحلّ الأزمات المعقدة، مع أنها هي سببها الحقيقي.
إندونيسيا من أكثر البلاد الإسلامية في العالم سكانا، ونسبة المسلمين فيها تزيد عن 93 بالمائة. وهذه البلاد بطبيعة حال سكانها تربة خصبة للإسلام، حيث إنهّم قد تقبلوا الإسلام بمجرد الدعوة دون حرب. وقد وصلها الإسلام منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) على يد التجار المسلمين، وهم يدعون إلى دينهم قبل سلعتهم. وانتشر الإسلام بدعوتهم بين سكانها، ثم بدعوة من اعتنقه من مواطنيها بعد ذلك، حتى حلّ محلّ الهندوسية في البلاد، وأصبحوا مسلمين، والأكثر عددا منذئذ إلى يومنا هذا. فالدول المستعمرة هي التي زرعت الجراثيم المميتة في هذه التربة الخصبة للخير إلى أن أصابت الأمراض أهلها، وهم لا يدركون ما هي، وكيف يعالجونها؟   
فالطريقة الوحيدة للتخلص من هيمنة الكفار البغيضة على بلاد المسلمين، وكذلك من تسلّط عملائهم، هي بإقامة دولة الخلافة التي فرض الله على المسلمين إقامتها، وأن يتوحد المسلمون تحت رايتها.  فالإسلام يوجب على المسلمين أن يكونوا في دولة واحدة وأن يكون لهم خليفة واحد.  يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخَرَ منهما»، وهذا يعني وجوب وحدة الخلافة للمسلمين.  وبإقامة ذلك يصبح المسلمون أقوياء من جديد، وعندها تضع دولة الخلافة نهاية لجميع الطغاة والظالمين الذين يتحكمون في رقاب المسلمين، ومن ثم تتخلص إندونيسيا وسائر بلاد المسلمين من نفوذ الدول الكافرة المستعمرة مثل الولايات المتحدة التي تنهب ثروة البلاد، فتعود هذه الثروة لأهلها، ينفقها الخليفة في أبوابها الشرعية، لسد الحاجات الأساسية للرعية، وتمكينهم من إشباع الحاجات الأخرى، عن طريق تداول الثروة وتنميتها في جميع أجزاء الدولة، فإنْ كان جزءٌ فقيراً في ثروته الطبيعية وآخر غنياً فيها، فإن جميع أجزاء الدولة تنتفع بهذه الثروة لأنها ملكية عامة للمسلمين.  هكذا تحل المشاكل الاقتصادية في بلاد المسلمين، باعتبارها بلداً واحداً في ثروته ومصادره.  وعليه فإنكم إذا أردتم المحافظة على ثروتكم من أطماع الدول الكافرة المستعمرة، وإذا أردتم الانتفاع بهذه الثروة، وأن تستعيدوا قوتكم وعظمتكم، فاعملوا بجد لأن يتوحد المسلمون في دولة خلافة واحدة، واعلموا أن الله ينصركم إن نصرتموه كما قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}.
واعلموا، أيها المسلمون، كذلك أن الأمة الإسلامية، أمة واحدة، لا تصح تجزئتها، بل هي كالجسد الواحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منع عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».
أيها المسلمون:
إن الدول الكافرة المستعمرة، مثل الولايات المتحدة، قد خلا الجوُّ لها، فبطرت في حياتها، وتجبرت في هيمنتها، بعد أن تمكنت من القضاء على دولة الخلافة، أي منذ ثمانين سنة، فاستعمرت بلادكم، وأهانت دينكم، ونهبت ثرواتكم الكثيرة الوفيرة، وتركتكم لا تجدون رغيف الخبز إلا بعد طول عناء، فكيف تسكتون على ذلك وأنتم الأمة العظيمة، أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، المناط بها تطبيق الإسلام وحمله للعالم لإخراجه من الظلمات إلى النور.  كفاكم خضوعاً للكفار المستعمرين وللظالمين، ارفعوا هذا الذل عن رقابكم، وغيّروا الوضع البائس الذي يحيط بكم، وانطلقوا عاملين بجد مسرعين، لتوحيد بلادكم في دولة واحدة، تحت راية خليفة واحد فهو حصنكم ودرعكم كما ورد في الحديث الشريف: «إنما الإمام ـ الخليفة ـ جُنّة، يُقاتَل من ورائه ويُتَّقى به»، فإن فعلتم ذلك، تمكنتم من هزيمة الغرب الكافر والقضاء على نفوذه وإخراجه من بلادكم، واسترجاع ثروتكم من أيدي الكفار المستعمرين وجشعهم، وبذلك تنتفعون بخيرات بلادكم التي أنعمها الله عليكم، وتنفقونها في سد حاجاتكم وفي تحسين مستوى معيشتكم، وتعود دولتكم ـ دولة الخلافة ـ الدولة الأولى في العالم، وتعود السيادة والقيادة للإسلام، وبذلك تكونون قد حققتم استقلالكم عن الكفار الذين يسيطرون عليكم، وبذلك تتمكنون من العمل على إنقاذ الجنس البشري من طغيان الدول الكافرة المستعمرة واستبدادها، وتُخرجون الناسَ من الظلمات إلى النور، وتصبحون، كما أراد الله لكم أن تكونوا: خيرَ أمة أخرجت للناس.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.

28 من جُمادى الأخير 1421هـ
 
حزب التحرير
2004/08/14م
 
إندونيسـيا
 


إقرأ أيضا:-
بداية شهر رمضان المبارك ونهايته لا تُحددها إلا الرؤية الشرعية للهلال
ثم ماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تنتظرون بعدما شاهدتم ما حدث في غزة؟ ألم يأن لكم أن تتحركوا وتستجيبوا لفرض ربكم بإقامة دولة الخلافة الراشدة؟!
ضرباتٌ في عمق لبنان! أين السلطة السياسية وأجهزتها من استحقاقاتهم؟! ثم أَلَم يفرغ الصبر الاستراتيجي للمحور إلى الآن؟!
في بلد يزعم أنه بلد حقوق المرأة تُعتقل حاملات الدّعوة من حزب التحرير لأنّهنّ يعملن خارج إطار العلمانية!
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾