إلى حضرة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أما بعد:
فقد ورد في صحيح مسلم أن أبا ذر رضي الله عنه طلب من الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الولاية فقال له: «إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها».
فلن نكون من المهنئين ولا المباركين، بل سنكون من الناصحين لله ولرسوله ولخاصة المسلمين وعامتهم.
حضرة أمير البلاد:
بتسلمكم لسدّة الحكم أصبحت مسؤوليتكم الأولى أمام الله يوم القيامة الحكم بالعدل لقوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}(النساء: 58) ولا يتحقق العدل إلا إذا حكمتم بما أنزل الله، قال سبحانه: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}(المائدة: 49) وبصفتكم مسلماً فليس لك في الحكم بما أنزل الله خيار لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}(الأحزاب: 36). ومن مقتضيات الإيمان بالله ووحدانيته وكمال صفاته والتصديق بكتابه، أن لا يجادل المؤمن بصلاحية شرع الله للحكم بين الناس، وأن يسلّم بأن أحكام الله وحدها هي التي تحقق السعادة للإنسان والعدل والرحمة بين الناس قال عزّ وجلّ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}(النساء: 65).
كما ويجب أن يُقرن الحكم بما أنزل الله، بنبذ كل ما ليس من شرع الله سبحانه وتعالى، كالديمقراطية والرأسمالية وجميع ما ينبثق عنها من أنظمة ومفاهيم، قال جل في علاه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(البقرة: 256). وثانياً التبرّؤ من موالاة كل ما هو أجنبي، أميركا وبريطانيا وما سواهم، لقول العزيز القدير: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(المائدة: 51).
هذه نصيحتنا نقدمها لكم، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «الدين النصيحة قلنا لمن: قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»(رواه مسلم).
نسأل الله العزيز أن يعذرنا بها يوم العرض عليه، وأن تكون حجة لكم وليس حجة عليكم، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|