Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

نداء من حـزب التحريـر- ولاية السودان
إلى أهل السودان بعامة وأهلنا في جنوب كردفان بخاصة

تشهد منطقة جنوب كردفان أحداثاً ذات طابع قبلي أوجدت حالة من الفراغ الأمني؛ الذي انتشر في المنطقة انتشار النار في الهشيم، حيث سُفك الدم الحرام المعصوم، وهُجّر الناس من قراهم، وسرى سم العصبية الناقع في جسد المنطقة المثخن بجراحات الظلم والفقر والعوز، فأنذر بشر مستطير إن لم يأخذ العقلاء المخلصون من أهل البلد على عاتقهم مسئولية الإصلاح ونزع فتيل الأزمة.

ومن هذه الأحداث؛ على سبيل المثال، حادث قبيلتي المندل والمعاليا في يوليو 2006م بمنطقة (الفرشاية)، حيث قتل سبعة من قبيلة المعاليا وثلاثة من قبيلة المندل، وآخر من قبيلة البرقو الصليحاب، حيث انفلت الأمن بالمنطقة، وهجر السكان إحدى عشر قرية. وفي أغسطس وسبتمبر 2006م كانت حادثتي البرقد والمعاليا بمنطقة (شق الجمل)، حيث قتل شخصان من البرقد.  وفي  أكتوبر 2006م حصلت حادثة أولاد نعمان والمندل، حيث كانت الحصيلة اثني عشر قتيلاً وتهجير لسكان أربع قرى. وفي ديسمبر 2006م كانت حادثة العنينات والبرقو الصليحاب بمنطقة (الدبكر)، حيث قتل اثنان من البرقو الصليحاب وواحد من العنينات أولاد هجليجة. وفي خلال هذا الشهر يونيو 2007، حدث صراع بين قبيلتي دار نعيلة والغلفان. وما زالت الأجواء في تلك المناطق متوترة، تنذر بمزيد من التصعيد.

إن الصراع القبلي على الموارد بين المزارعين والرعاة، ظل يحدث عبر سنين طويلة في صورة نزاعات محدودة تُحَلُّ بالصلح إما بواسطة طرفي النزاع، أو بواسطة القيادات الأهلية في المنطقة. أما شكل الصراع المتفجر الآن في صورة سلسلة أحداث، آخذٌ بعضها برقاب بعض؛ فهو مختلف عن سابقه من صراعات وذلك لدخول المنطقة في حالة من الاستقطاب الحاد بين القوى السياسية، ممثلة في شريكي الحكم وبعض أحزاب المعارضة، حيث تقوم هذه القوى بتسليح أطراف الصراع وتغذية مشاعر الكراهية والعنصرية البغيضة المنتنة، وتقسيم القبائل إلى إفريقية وأخرى عربية، ورفع الأمر إلى منظمات الكفر الدولية (الأمم المتحدة وغيرها) تكراراً لنفس سيناريو دارفور.

إن حقيقة المشكلة؛ أي مكمن الداء، وأسّ البلاء هو إسقاط جميع الأطراف لمقياس الحلال والحرام في أفعالهم وأقوالهم، حيث أصبحوا لا يقيمون وزناً لكونهم مسلمين، ويتضح ذلك في الأسباب الموضوعية لهذه الحالة والتي تتمثل في الآتي:

أولاً: الرابطة القبلية:
حلت محل رابطة الإسلام العظيم “الأخوة الاسلامية” التي أكرمنا الله سبحانه وتعالى بها، حيث يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ)، والارتباط برابطة العصبية القبلية التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الارتباط على أساسها، والقتال تحت رايتها، يقول صلى الله عليه وسلم: (دَعُوها فإِنّهَا مُنْتِنَةٌ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ ادّعَى دَعْوَى الْجَاهِلّيةِ، فَإِنّهُ مِنْ جُثَى جَهَنّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولُ الله وَإِنْ صَلّى وَصَامَ؟ فَقَالَ وَإِنْ صَلّى وَصَامَ. فَادْعُوا بِدَعْوَى الله الّذِي سَمَاكُم المُسْلِمِينَ المُؤْمِنينَ عِبَادَ الله)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بـِهَنّ أبيه، ولا تكنوا). فالرابطة القبلية، فضلاً عن أنها تخالف الإسلام، فهي رابطة نتجت عن حب السيادة، وهي رابطة غير إنسانية تخلق المخاصمات والصراعات بين الناس، فتفرّق بين الإنسان وأخيه، حيث ترى كل قبيلة أحقيتها بالسيادة على غيرها، لذلك يغلب على أصحاب هذه الرابطة الهوى ونصرة بعضهم على غيرهم، فتسقط قيمة التقيد بالحكم الشرعي ويغيب مقياس الحلال والحرام، ويتحكم شيطان العصبية، فيدفع الناس للتنافس على سيادة القبيلة لا سيادة مبدأ الإسلام العظيم، فتُسفك الدماء، وتُنتهك الحرمات، وتعود الأمور كما كانت في الجاهلية التي قضى عليها الإسلام.

والقبلية هي التي تجعل المسلم، الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يقتل أخاه المسلم، أو يحرّض على قتله، أو يتستر على القاتل ويحميه، وكل ذلك من أعظم المنكرات، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، ويقول الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم: (لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَزَوَالُ الدّنْيَا أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)، هذه المنكرات تنقل القضية من وجهها الصحيح؛ وهي أن هناك شخصاً قُتل، وأن أولياء الدم على الخيار، فإما أن يُقتل القاتل، أو يُعفى عن القاتل وتؤخذ الدية، أو يُعفى عن القاتل وعن أخذ الدية، لقوله صلى الله عليه وسلم: من طريق أبي هريرة فيما رواه البخاري: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ)، ولما رواه ابن ماجة عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ ( وَالخبْلُ الجُرْحُ) فَهُوَ بَالخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلاَثٍ. فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ، فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ: أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَعُفُوَ أَوْ يَأخُذَ الدِّيَةَ. فَمَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذلِكَ فَعَادَ، فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً)، بدلاً من ذلك، فإنها تنقل القضية لتصبح صراعاً قبلياً لا يبقي ولا يذر، القاتل والمقتول فيه في النار، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ).

ثانياً: عدم جعل الإسلام أساساً للعمل السياسي:
إن من أكبر المشاكل والآفات التي ابتلينا بها في بلدنا هذا، وفي سائر بلاد المسلمين، عدم قيام العمل السياسي على فكرة صحيحة، أي عقيدة الإسلام، حيث أمر الله سبحانه وتعالى بذلك: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، إن الانطلاق في العمل السياسي من غير عقيدة الإسلام بل من الأفكار والمفاهيم الفاسدة من نفعية وآنية وميكافيلية، جعل هذه القوى السياسية خطرة على نفسها وعلى غيرها، فهي بتصورها للسلطة على أنها مغنم (كيكة) تسعى للمحافظة عليها أو لبلوغها بأية طريقة وبأي أسلوب دونما وازع من عقيدة أو خُلُق، مما جعلها ترتمي في أحضان الأجنبي، وتحرك النعرات القبلية والعنصرية وتشعل الحرائق وتثير الفتن، فتسفك الدماء، وتنتهك الحرمات، فتخرب على الناس دنياهم، وتفسد عليهم آخرتهم، تفعل كل ذلك فقط للوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها.

ثالثاً: عدم قيام الدولة بواجبها:
إن عدم رعاية الدولة لشؤون الناس، في كردفان وغيرها من أقاليم السودان المختلفة، بأحكام الإسلام امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى:  {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ}، هو الذي أوجد الظلم بدل العدل، والفقر بدل ضمان إشباع الحاجات الأساسية؛ من مأكل وملبس ومسكن وعلاج، وتعليم وأمن، وهو الذي أوجد الخوف بدل الطمأنينة والأمن، وهو الذي أوجد سلطان القبيلة وعصبيتها، بدل سلطان الدولة، فضعفت هيبة السلطة وغاب عدل الإسلام، فحلت شريعة الغاب حيث البقاء فيها للأقوى، وغابت أحكام الإسلام وأفكاره ومشاعره، وتحكمت في الناس غرائزُهم وأهواؤهم.

أيها المسلمون المخلصون:
• في القوى السياسية والأحزاب:
اتقوا الله وارجعوا إلى ربكم، واعلموا أنكم مسئولون عن هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تقوم على غير أساس الإسلام وتدعو لغير الإسلام، لتعيدوها إلى جادة الطريق؛ عقيدة الإسلام، وتذكروا قول الله سبحانه وتعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وألاَّ تتخذوا من الفتنة منهجاً، {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}.

• في الحكومة:
إن الواجب عليكم هو تطبيق الإسلام ورعاية شؤون الناس به حتى ينعم الناس في كل البلاد بعدله. ومن أهم واجبات الإسلام حفظ الأمن في كل البلاد، يقول صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، وذلك يقتضي عدم تكرار سيناريو دارفور بتسليح بعض الأطراف على حساب الأخرى، بل بالنظر للجميع نظرة رعاية متساوية، أساسها عقيدة الإسلام، ولتعلموا أنكم مسئولون أمام الله عز وجل عن كل قطرة دم سفكت، وعن كل عرضٍ انتُهك، وعن كل مال نُهب، وعن كل نفسٍ روّعت، عن معقل بن يسار قـال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من وال يلي رعيَّة من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلا حرَّم الله عليه الجنة)، وعنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يسـترعـيه الله رعية، فلم يحطها بنصـحـه، إلا لم يجد رائحة الجنة)، ونذكركم بالمرأة التي قالت في حق خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب: (أيتولى أمرنا ويغفل عنا). ولتعلموا أن الحكم إنما هو مسئولية وأمانة يحاسب الله سبحانه وتعالى عليها أشدّ الحساب، روى مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإنّهَا أَمَانَةٌ. وَإنّهَا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ. إلاّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقّهَا وَأَدّى الّذِي عَلَيْهِ فِيهَا)، ولتكن لكم عبرة وعظة مما حدث في دارفور.

أيها الأهل في جنوب كردفان:
إن الإسلام وحده هو الذي يقضي على هذه الإحن والضغائن، لترجعوا عباد الله إخواناً متحابين متآلفين، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، ويقول جل من قائل: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر)، فإلى نبذ كل ما سوى الإسلام من عصبيات وقبليات وجهويات وغيرها ندعوكم.

7 جمادى الثانية 1428هـ
 
حـزب التحريـر
2007/06/23م
 
ولاية الســودان
 


إقرأ أيضا:-
ترامب يقود أتباعه من الحكام في بلاد المسلمين إلى صفقة خزي وعار فيُطأطئون رؤوسهم وراءه بجعل غزة هاشم تحت الوصاية والاستعمار
هل على أهل قابس أن يدفعوا ضريبة فشل السياسة الاقتصادية للدولة الوطنية؟
سياسة التعليم بين فشل دولة الحداثة ورؤية الخلافة الراشدة
ترامب الداعم الأساس لكيان يهود في جرائمه المنكرة بغزة وكل فلسطين يعرض حلاً لضياع غزة، بل يفرضه، على جمعٍ من الحكام في بلاد المسلمين!!
مؤتمرات التصفية لقضية الأرض المباركة تجري على وقع التصفية لدماء أهلها