Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

تشكيل الحكومة

كيان مخفقٌ هزيل يحكمه ساسة متهالكون منتفعون!!

تكاد لا تمر سنةٌ إلا وتحصل أزمة داخلية في لبنان، تُبرهن على مستوى الإخفاق والـهُزال الذي وصل إليه هذا البلد بوصفه كياناً... ففرنسا أسسته بغية تحقيق مصالحها الاستعمارية على حساب شقاء أهله، وذلك بعد أن سلخته عن محيطه الإسلامي، وجعلت كل طائفة فيه تعدّ نفسها أقليةً تصارع الطوائف الأخرى على الحصص داخل مؤسسات الدولة، حتى فتكت آفة الطائفية بمؤسسات الدولة السياسية والأمنية والاقتصادية، وتم إذكاء الخصومة والعداء بين أبناء هذا الكيان. ثم ورثت أمريكا الكيان اللبناني بعد الحرب الأهلية التي بدأت سنة ١٩٧٥ فزادت الطين بِلَّةً، حين كرّست اتفاق الطائف وجعلت الحاكم في لبنان “مجلس الوزراء مجتمعاً”. حتى صار معدل الحكومات بعد اتفاق الطائف هو حكومة واحدة كل سنة ونصف. وخلال ١٣ سنة، بعد خروج النظام السوري، من لبنان كان هناك أربع سنوات متقطعة من حكومات مستقيلة، فشاع الفساد والنهب “المنظم” للأموال العامة تحت مسمى المحاصصة، المقنعة بمصطلح “العيش المشترك”.

وبعد مسرحية الانتخابات النيابية في 6/5/2018، التي تدنت فيها نسبة المشاركة وفق النظام النسبي إلى 49٪، دخل لبنان في مرحلة تشكيل الحكومة، بعد أن تم تسمية سعد الحريري بوصفه رئيساً مكلفاً، وبدأت العقبات في الظهور، فكانت أُولاها العقدة الدرزية، ثم القوات اللبنانية، والتي استمرت قرابة الخمسة أشهر، ثم أبدى الطرفان تجاوباً غريباً لصالح تشكيل الحكومة! لتظهر بشكل مفاجئ عقدة جديدة تكمن في مطالبة حزب إيران بتعيين وزير إضافي من حلفائه السنة الموالين لنظام بشار، وكأنه لم يكن مُتوقِّعاً حلحلة عقدة الدروز والقوات، لتوضع هذه العقبة، كأنها شماعة لإطالة أمد تشكيل الحكومة، التي يبدو أن أمريكا، المؤثر الأكبر في لبنان، لا تراها عاجلةً في هذا الوقت.

لقد كان واضحاً خلال خطاب زعيم حزب إيران الأخير الهجوم المركز على وليد جنبلاط وسمير جعجع، بعد أن سبقه في الهجوم عليهما - خلال الأشهر الماضية - كل من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، وأما زعيم تيار المستقبل سعد الحريري فلقد أظهر دور المحايد طول هذه الفترة، إلى أن تم طرح شماعة “توزير السنة” التابعين لنظام بشار، الذي يُظن أنه سيفتح باب تسويات جديدة، كما كانت نهاية أزمة رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة من قبل عبارة عن تسويات! وقد تكون هذه المرة لصالح ضمان حزب إيران عدم ولوج المناوئين له في الحكومة في قضية العقوبات الأمريكية، التي تتخذها إدارة ترامب لتقليص نفوذ إيران وأدواتها، بعد قرب استيفاء دورهم واستخدامهم في أزمات المنطقة المختلفة، ففي الأسبوع الماضي زار نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون المشرق والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جويل رايبرن لبنان، واجتمع مع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان، وتم التباحث في موضوع تطبيق العقوبات على إيران وحزبها في لبنان، تم على إثره تبني رئيس الجمهورية قراراً متبايناً عن حزب إيران بخصوص مطلب الأخير توزير شخصية سنية تابعة له، ما استفز حزب إيران، ليخرج بتصريحاته النارية - خلال خطابٍ لأمينه العام - الأسبوع الماضي، والتي قذفت تشكيل الحكومة إلى أجل غير مسمًّى.

إن هذه العقد، ولو أخذت أشكالاً مختلفةً، إلا أنها، في حقيقتها، تتعلق بمسألة واحدة، وهي فرض حُجُوم ونمط تعاطٍ داخل الحكومة، بحيث يستطيع الحلف الأمريكي فرض قراراته من دون عرقلة أو تشويش من قبل الطرف الآخر المحسوب على أوروبا، خصوصاً بعد مؤتمر “سيدر”، الذي منح لبنان حوالي ١١ مليار دولار قروضاً ميسرةً.

إن لبنان دولة أبعد ما تكون عن السيادة، ولبنان كما سائر بلاد المسلمين “مستقل” بالاسم فقط... فأمريكا تتحكم بمفاصله كافةً، وهي من تقرر متى يتم تشكيل الحكومة ومتى يتم تعطيلها، ثم يكون على أدعياء السياسة والسيادة، زعماء الطوائف في لبنان، تنفيذ القرارات، وأما من يدفع الثمن فهم أهل البلد الذين ذاقوا الأمرين.

إن الخلاص لأهل لبنان قلناه سابقاً، وسنظل نكرره دوماً: إن لبنان كيانٌ مخفقٌ هزيلٌ، لا مقومات دولة فيه، ولا سبيل لإصلاحه من الداخل، فهو قائم على قواعد فاسدة أبرزها تركيبته الطائفية.

إن خلاص أهل لبنان هو أن يعود لبنان كما كان جزءاً من العالم الإسلامي، في ظل حكم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تقطع يد المستعمر، وتنهي النظام السياسي القائم على المحاصصة والفساد، وتلحقه بنظام رعاية لا جباية، يرعى شؤون كل من يحملون تابعية هذه الدولة بغض النظر عن معتقدهم، وتُخرج أهل البلد من العقلية الطائفية ودوامة الصراع التي هم فيها، إلى عقلية العيش الطبيعي كما كان لعقود طويلةٍ من قبل، في ظل حكم رشيد، خلافةٍ راشدةٍ على منهاج النبوة... وعندها يسقط هؤلاء الساسة ويحاسبون على ما فرطوا في حق أمتهم وشعبهم، وعلى ما كانوا عليه من تبعية للغرب الكافر المستعمر، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.

9 من ربيع الاول 1440هـ
 
حزب التحرير
2018/11/17م
 
لبنان
 


إقرأ أيضا:-
بداية شهر رمضان المبارك ونهايته لا تُحددها إلا الرؤية الشرعية للهلال
ثم ماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تنتظرون بعدما شاهدتم ما حدث في غزة؟ ألم يأن لكم أن تتحركوا وتستجيبوا لفرض ربكم بإقامة دولة الخلافة الراشدة؟!
ضرباتٌ في عمق لبنان! أين السلطة السياسية وأجهزتها من استحقاقاتهم؟! ثم أَلَم يفرغ الصبر الاستراتيجي للمحور إلى الآن؟!
في بلد يزعم أنه بلد حقوق المرأة تُعتقل حاملات الدّعوة من حزب التحرير لأنّهنّ يعملن خارج إطار العلمانية!
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾