الخاتمة
فكان الخلل ابتداءً قد جاء من منطلق تفكيرهم وهو عقيدة فصل الدين عن الحياة. حيث انطلقوا في تفكيرهم وتشريعاتهم من هذه العقيدة التي تهمل غريزة التدين، الغريزة التي ميّزت الإنسان عن الحيوان... وإلا فما معنى أن يوصي إنسان بتركته التي تبلغ الملايين للكلاب والحيوانات، والناس حوله يتضوَّرن جوعاً؟... وما معنى أن يضع إنسان قنبلة في طائرة تسافر فيها أمُّه، لكي يقتل أمَّه مع الركاب فيأخذ التأمين على حياتها؟... وما معنى أن تُنفَق الملايين من الدولارات على الرياضيين والمباريات الرياضية، وعلى المهرجانات والنوادي الليلية الماجنة، بينما ملايين البشر يموتون جوعا؟! هذه هي الرأسمالية، أمّا الإسلام فقد جاء رسالة عالمية خالدة إلى الناس كافّة، يقوم على أساس ثابت صحيح، وهو الإيمان بالله الخالق المدبر والإيمان بأن القرآن كلام الله، وأن محمدا رسول الله أرسله الله تعالى إلى الناس كافّة ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، وليضمن لهم حياة سعيدة في الدنيا وفوزاً في الدار الآخرة.
ومن هذه العقيدة الموائمة لفطرة الإنسان والمقنعة لعقله انبثقت التشريعات، التي تنظم علاقته بربه وبنفسه وبغيره، فنظمت غريزة التدين بالعقيدة والعبادات، ونظمت غريزة النوع بأحكام الزواج وغيرها، ونظمت غريزة البقاء والحاجات العضوية بأحكام الملكية وغيرها، فحرّم الإسلام الربا وكنز المال، وشرع أحكاماً لتوزيع الثروة بين أفراد الرعية لكي لا يبقى المال محصوراً في أيدي الأغنياء. وشرع أحكاماً لبناء مجتمع يقوم على التكافل والتراحم.
لقد انهارت الاشتراكية على أيدي الرأسماليين وبخاصّة الأمريكيين، وكان من أبرز أسباب انهيارها ضعف النظام الاقتصادي فيها وفساده، وها هو اقتصاد أمريكا زعيمة الرأسمالية قد بدأ ينخره الفساد، وها هي ديمقراطيتها قد بدا عوارها للعيان. وها هي غطرسة أمريكا لا تخفى على أحد. وأصبح عجز الرأسمالية عن ضمان الحياة الآمنة الكريمة لشعوبها وللعالم يُشير إلى بداية انهيارها، إلا أنَّ انهيارها التام منوط بظهور الإسلام على أيدي أبنائه العاملين المخلصين، ذلك المبدأ الذي أنزله الله تعالى هدى ورحمة للعالمين، وهو المبدأ الوحيد الذي سينقذ البشرية من ظلمات المبادئ الوضعية وظلمها إلى نور الإسـلام وعـدله.
|