ثلاً حين يسألك فلان من الناس من أين أنت؟ أدركتَ بسرعة خاطفة قصده من السؤال، وما يكمن وراء هذا السؤال، فحكمتَ بسرعة خاطفة على السؤال، وبذلك تكون لديك سرعة بديهة، وبناء على سرعة البديهة هذه أجبتَ السائل الجواب الذي ينبغي في مثل هذه الحال. ومثلاً حين تسمع خبر زيارة أحد المسؤولين لبلد ما، أدركتَ من سماعك هذا الخبر غاية هذه الزيارة بسرعة خاطفة، وبذلك تكون لديك سرعة بديهة، وبناء على سرعة البديهة هذه عيّنتَ لنفسك الإجراءات التي تلزم في هذا المجال. ومثلاً حين تفاجَأ بدخول شخص عليك لم تكن تنتظر قدومه أدركت بسرعة خاطفة سبب قدومه عليك، وبذلك تكون لديك سرعة البديهة. وبناء على سرعة البديهة قمت بالإجراء المتفِق مع هذا الإدراك السريع.
فسرعة البديهة وإن كانت تعني بالأصل سرعة الإدراك أو سرعة التفكير، ولكنها تعني سرعة الحكم على الشيء الذي واجهك بناء على سرعة الإدراك. فالأصل وإن كان هو السرعة في الإدراك أو السرعة في التفكير، ولكن المقصود من ذلك هو السرعة في الحكم، فتكون سرعة البديهة هي سرعة الحكم على الأشياء، لأن الحكم على الأشياء هو الإدراك أو هو التفكير وإن كان ذلك نتيجة الإدراك ونتيجة التفكير.
|