Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::
:::
 

دولة الخلافة وما يُســمـَّى بـ«الأقلـيـَّـات»

1435هـ - 2014م
(للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة “Bookmarks”
الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف)

::محتويات/فهرس الكتاب ::

محتويات الكتاب 4
تمهيد 6
مفهوم الأقليات 12
نشأة مفهوم الأقليات 19
خطأ مفهوم الأقليات 22
موقف الإسلام من مفهوم الأقليات 27
علاقة الدولة برعاياها ومنهم أهل الذمة 38
التشريع الإسلامي وأهل الذمة 43
الأقليات بين الدولة الإسلامية والدولة العلمانية 50
كيف عاملت دولة الخلافة أهل الذمة 61
مزاعم عن “غلظة” الإسلام تجاه أهل الذمة 70
حقوق الأقليات الدينية “أهل الذمة” 72
توظيف مفهوم “الأقليات” لتمزيق الدول 74
مفهوم الأقليات لا يعالج المشكلة 80
حول الكتاب 83

(نسخة محدثة بتاريخ 2018/04/03م)

لقد ساد التنوع الدولة الإسلامية الأولى التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم  في المدينة المنورة لحظة قيامها، فقد وجد فيها المهاجرون والأنصار، وكان من رعاياها العربي وغير العربي، والمسلم واليهودي والمشرك، والأوس والخزرج على ما بينهم من عداوة سابقة. وقد أرسى النبي صلى الله عليه وسلم  أسس العلاقة بين أطياف هذا المجتمع الوليد فيما سمي بوثيقة المدينة، ثم توسعت الدولة الإسلامية لتشمل الجزيرة العربية كلها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتوسعت في رقعة أكبر بكثير في عهد الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم في زمن الدولة الأموية والعباسية والعثمانية، فازداد بذلك التنوع في الدولة الإسلامية حيث دخل الناس في الإسلام أرسالاً من قبائل وشعوب شتى، وخضع لسلطان دولة الخلافة أصحاب أديان كثيرة لم تكن معروفة في جزيرة العرب، على ما في جميع هؤلاء من اختلاف في العرق واللون واللغة والثقافة والدين. وكان الغالب في العلاقة بينهم وفي علاقتهم مع الدولة والسلطان الانسجام والتوافق وحسن المعاشرة، ولم تعرف الدولة الإسلامية ولا المجتمع الإسلامي مفهوم الأقليات طوال عهدهما الممتد عبر قرون وقرون من الزمان، إلا ما كان من تسرب هذا المفهوم من الغرب بتخطيط وتدبير من الدول الغربية الطامعة في بلاد المسلمين في أواخر عهود الدولة العثمانية. فالدول الغربية الاستعمارية استغلت عامل القوة المتمثل في التنوع الكثير السائد في الدولة العثمانية وحولته إلى عامل ضعف لضرب الدولة الإسلامية وتفتيتها والقضاء عليها وذلك بنشر مفهوم الأقليات من ناحية فكرية وبتبني بعض «الأقليات» مادياً ومعنوياً وعسكرياً وتحريضها على الخروج على الدولة العثمانية. وقد ركزت أول الأمر على الشعوب الأوروبية الواقعة تحت سلطان الدولة الإسلامية في البلقان واليونان وغيرهما من المناطق فأثارت فيهم النزعات القومية والرغبات الانفصالية وأمدتهم بالسلاح والدعم للخروج على هذه الدولة، وعلى النصارى إذ أخذت تتصل بهم محاولة إقناعهم بظلم واقع عليهم من قبل المسلمين ودولتهم وبنقص في حقوقهم، وهكذا تدخلت في شؤون الدولة العثمانية بحجة حماية الأقلية الدينية النصرانية بوصفها امتداداً لهذه الدول من الناحية الدينية. وظلت هذه الدول سائرة في هذه المسألة حتى استطاعت أن تفتت الدولة العثمانية وتثير فيها الفتن والعداوات إلى أن انتهى الأمر بالقضاء عليها واستعمار أغلب أراضيها من قبل هذه الدول التي لم تراعِ في استعمارها حقوق هذه الأقليات المدعاة فنالها من ظلم المستعمرين وتحكمهم ما نال جيرانها من الأكثريات.


أثار الاستعمار الغربي النعرات القومية والدينية في العالم الإسلامي لتبرير تدخله في شؤون الخلافة العثمانية ضمن مخطط أشمل على طريق إسقاطها وتفتيتها. لهذا أشاع الغرب أفكاراً مسمومة تزعم أن الإسلام يضطهد الأقليات ويحاول القضاء عليها بعد أن استشرس - من خلال المستشرقين والمضبوعين به من أبناء المسلمين - في التلبيس والتدليس والطعن بالإسلام في إطار سياسة تهدف إلى دفع الأقليات للارتماء بأحضانه والارتباط به. لقد أجج الغرب صراعات قومية بين العرب والفرس والترك والكرد، إضافة إلى سعيه الدؤوب لاستعداء غير المسلمين ضد الخلافة الإسلامية وضد مشروع إقامتها من جديد، رغم أن طبيعة الإسلام ونصوصه الشرعية تتناقض مع فكرة التمييز ضد ما يسمى بالأقليات، كما احتضنت دولة الخلافة أصحاب الأديان الأخرى وضمنت لهم العيش الآمن والكريم، والتاريخ خير شاهد. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب كمساهمة جادة وعميقة لبلورة أحكام الإسلام بشأن ما يسمى الأقليات وكشف حقائق الموضوع وما يجري فيه من تلبيس وتدليس.

                                    أسرة المجلة