مقدمة:
لَمّا كان الإسلام الذي أرسل الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم نظاماً للحياة، ورسالة للعالم، كان لا بد له من دولة تطبّقه وتحمله إلى العالم. وقد جعل الإسلام هذه الدولة «دولة خلافة»، وجعلها شكلاً مميزاً، وطرازاً فريداً، يختلف عن جميع أشكال الدول في العالم: في أركانها التي تقوم عليها، وجهازها الذي تتكون منه، ودستورها، وقوانينها المأخوذة من كتاب الله، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، التي يجب على الخليفة، وعلى الأمّة، الالتزام بها، وتطبيقها، والتقيّد بأحكامها؛ لأنّها من شرع الله، وليس من تشريع البشر. وقد أناط الإسلام بدولة الخلافة أن تقوم برعاية شؤون الأمّة، وأناط بها القيام بإدارة الأموال الواردة للدولة، وإنفاقها، حتى تتمكن من الرعاية، ومن حمل الدعوة، وقد بيّنت الأدلة الشرعية موارد الدولة الماليّة، وأنواعها، وكيفية تحصيلها، كما بيّنت مستحقّيها، وجهات صرفها.
وقد تناولنا في هذا الكتاب الأموال في دولة الخلافة وأحكامها، وبيّنا مواردها، وأنواعها، وعلام تؤخذ، ومِمّنْ تؤخذ، وأوقات استحقاقها، وكيفية تحصيلها، والجهة التي تُحاز وتُحفظ فيها. كما بيّنا مستحقّيها، وأوجه صرفها.
ولَمّا كان ضبط هذه الأموال، وتحصيلها، يستلزم معرفة الأطوال، والمساحات، والمكاييل، والأوزان، تعرّضنا لما يلزم من ذلك، حتى يكون واضحاً كل الوضوح، على وجه يبيّن واقعها، ويرفع الجهالة عنها. وقد قوّمناها بالأطوال، والمساحات، والمكاييل، والأوزان المستعملة اليوم، حتى تكون سهلة المأخذ، بعيدة عن التعقيد، قريبة إلى الأفهام.
ولَمّا كانت الناحية النقديّة لها أهميّة خاصّة في الأموال في دولة الخلافة، لكونها مربوطة بالأحكام الشرعية، عرضنا لها، وبيّنا واقعها، والأساس الذي قامت عليه، والوحدات التي تنسب إليها، وأوزانها، وما يعتريها من مشكلات، وكيفية معالجة هذه المشكلات.
|