لقد اعتاد النظام السوري كلما أقدم على موبقة من موبقاته، سواء أكانت إثبات الولاء لأمريكا رأس الاستعمار، أم تهالكاً على التفاوض مع يهود، أم تضليلاً للناس وخداعاً، اعتاد أن يشن حملة اعتقالات في صفوف حزب التحرير ظناً منه أن هذا يمنع الحزب من كشف موبقاته، وفضح مؤامراته، وبيان خداعه وتضليله.

وهكذا كانت فعلة النظام ... فقبل وبعد زيارة وفد فرانك وولف عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري في 1/4/2007، وقبل وبعد زيارة وفد نانسي الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب الأمريكي في 3/4/2007، وقبل وبعد زيارة إبراهيم أبي سليمان رجل الأعمال السوري الأصل وقائد المحادثات السرية إلى دولة العدو في 11/4/2007 لإطلاع نوابها على مجريات تلك المحادثات السرية مع سوريا ... ثم عشية مهزلة الانتخابات البرلمانية السورية التي جرت في 22/4/2007 والمحسومة النتائج بقوة القانون حيث يوجب الثلثين للجبهة بزعامة البعث مع الأغلبية المطلقة لحزب البعث وحده ...!!، عند ذلك كله قامت الأجهزة الأمنية السورية بشن حملة اعتقالات مجرمة في صفوف شباب حزب التحرير، حيث جاوزت (25) شاباً أضيفوا إلى سابقيهم في معتقل القوات الجوية بالإضافة إلى القابعين ظلماً في سجن صدنايا البالغ عددهم (50) شاباً، كل ذلك لأن شباب الحزب يكشفون الخيانة والخداع والتضليل، ويصدعون بكلمة الحق، ويقولون ربُّنا الله {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.

إن هذا النظام وأزلامه يظنون أنهم بحملاتهم الوحشية على الحزب يستطيعون إسكاته عن الصدع بأمر الله، أو إخافته فيغض النظر عن مؤامرات هذا النظام ومناوراته لتبقى طي الكتمان، أو تثنيه عن العمل الجادِّ المجِدِّ لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخـلافة الراشدة، ولكنَّ ظنهم هذا قد أرداهم، فإنهم لن يجنوا من وراء ذلك إلا الخزي في الدنيا فوق ما هم فيه من خزي، والعذاب الأليم في الآخرة {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.

أما الحزب فإنه سيزداد بإذن الله قوةً على قوة بهذه الاعتقالات، ويرتفع من شاهق إلى شاهق، ولو تدبر النظام نتائج حملاته السابقة المتكررة على الحزب لعلم أن مَكْرَهُ بالحزب وبالٌ على النظام نفسه {وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ}، فهؤلاء الشباب الذين اعتُقِلوا وإخوانهم الذين سبقوهم في سجون الظالمين هم الأعلَوْن بإذن الله، الأقوياء بربهم والأعزاء بدينهم، واما الظالمون وإن كانوا خارج السجون، فإنهم الأذَلُّون الخانعون الذين باعوا دينهم بدنياهم بل بدنيا غيرهم {وَذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.

إن تقرُّب النظام بهذه الاعتقالات زلفى إلى الكفار المستعمرين بزعامة أمريكا، وإلى كيان يهود ليقبل مفاوضة النظام، لن يطيل في عمر النظام، فهو خائر القوى كمِنْسَأَةِ سليمان عليه السلام ينتظر من يدفعه ليسقط، وإن تربصه بالحزب لن يغني عن هذا النظام شيئاً لا من غضب الله ولا من غضب الخـلافة القادمة بإذن الله، فحال الحزب مع هذا النظام كما قال سبحانه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ}.