Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

جولة بوش الحالية في أوروبا تكشف
اهتزاز (عرش) تفرد أمريكا في السياسة الدولية

يقوم الرئيس الأمريكي حالياً بحولة في أوروبا زار خلالها أمس 23/2/2005م ألمانيا، والتقى خلالها بالمستشار الألماني شرودر.  وكان قد زار قبل ذلك في 22،21/2/2005م مقر حلف الأطلسي في بروكسل التقى خلالها ببعض بزعماء أوروبا وبخاصة شيراك وبلير، وألقى كلمةً في قاعة (كونسيرنوبل) وسط بروكسل في 21/2/2005م أعلن فيه أن تحالف أوروبا وأمريكا يحتل العماد الأساس للأمن المشترك في القرن الجديد، وحضر افتتاح القمة الأطلسية في 22/2/2005م، وكان قد صرح قائلاً (أن الوقت قد حان لترك الخلافات الأمريكية الأوروبية الخاصة بالعراق جانباً والتطلع إلى العمل يداً بيد) .

ولمعرفة دافع هذه الزيارة وتوقيتها والغرض منها يحسن بنا الرجوع إلى الوراء بعض السنين:
1 - بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وزواله تفرَّدت أمريكا في السياسة الدولية، وأصبحت تتصرف وكأنها اللاعب الوحيد الممسك بزمام الأمور حتى وصلت في عهد بوش الابن والمحافظين الجدد إلى درجة التندر على حلفائها بالأمس بأنهم (أوروبا القديمة) ، وإلى أن تضـرب بالأمـم المتحدة عرض الحائط إذا لَم تستطع استصدار القرار المناسب لها، علماً بأنها هي التي كانت وراء الأمم المتحدة ومجلس الأمـن لتـغـطي تنفيذ مؤامراتها بغطاء دولي عن طريق الأمم المتحدة.  وقد برز هذا جلياً قبيل عدوانها على العراق فلم تعبأ بالأصوات ضدها حتى ممن كانوا إلى وقت قريب من مؤيديها أو أحلافها.  وهكذا أخذها الغرور فأصبحت لا تحسب حساباً لأية دولة أو قوة كبرى ناهيك عمَّن هم دون ذلك.

2 - غير أن غرق أمريكا في مستنقع عدوانها على المسلمين في أفغانستان والعراق، وكثرة قتلاها وبخاصة في العراق، وسقوطها في السياسة والحرب، وعدم المساندة لها في العراق من فرنسا وألمانيا ثم إسبانيا بعد سحب جيشها، وانكشاف تصرفاتها الحقيرة مع السجناء والأسرى، وحربها القذرة ضد المدنيين، الشيوخ والنساء والأطفال، وهزال جندها في المجابهة والإقدام رغم قوة الأسلحة التي تملكها، وانفضاض حلفائها السابقين عنها بسبب (عنجهيتها) في تصرفاتها الدولية، كل ذلك اضطرها أن تعيد النظر في موقفها الدولي وغرورها العسكري، وتعيد التوجه إلى أوروبا تسترضيها وتفسح لها في السياسة الدولية وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، وذلك أملاً منها أن تكون أوروبا ردءاً لها يخرجها أو يخفف عنها من مأزقها.

3 - أما أوروبا فقد أدركت سقوط أمريكا في مستنقع عدوانها على أفغانستان والعراق، وشدة مأزقها في المنطقة فلم تنتظر أن تفسح لها مجالاً بل هي بادرت بمزاحمة أمريكا في السياسة الدولية وبخاصة الشرق الأوسط مستغلةً انشغال أمريكا في المستنقع الذي وقعت فيه وبخاصة العراق.  وأخذ الصراع في المنطقة منحىً آخر أعاد إلى الأذهان تحكم أقطاب عدة في السياسة الدولية قبل انسحاب بريطانيا من شرق قناة السويس في السبعينيات من القرن الماضي، ثم خلال الحرب الباردة قبل بداية تسعينات القرن الماضي.  فأصبحت الدول الأوروبية: فرنسا، ألمانيا، إسبانيا بعد أثنار أي في عهد الحزب الاشتراكي الحالي، تزاحم أمريكا سياسياً بطريقة معلنة، بالإضافة إلى بريطانيا كذلك التي تزاحم أمريكا في الخفاء بطريق دهائها السياسي المعروف.  ولقد نجحت هذه الدول في أن تجبر أمريكا في عدد من قضايا المنطقة على أخذ دور رد الفعل لا الفعل كما كانت أمريكا معتادةً من قبل.

4 - ومن هذه القضايا التي زاحمتها فيها وأجبرتها على اتخاذ رد الفعل لا الفعل:
• لقد زاحمتها في (دارفور)، حيث كانت أمريكا حفاظاً على نفوذها في السودان شماله وجنوبه، تريد أن تنهي مشكلة جنوب السودان ثم تنتقل إلى (دارفور) كما جاء في تصريح القائم بالأعمال الأمريكي في السودان جيرالد كالوشي في منتصف شهر أيار 2004م، لأنها كانت ترى أن إثارة المشاكل دفعةً واحدةً سيشجع على خلخلة الحكم الموالي لها في السودان بما يفسح المجال لسقوط النظام ويكون الطريق سالكاً لأوروبا (بريطانيا وفرنسا) للنفاذ إليه.  لكن بريطانيا وفرنسا رأت أن تحريك قضية دارفور في فترة انشغال أمريكا في مشكلة الجنوب، سيحقق لهما موطئ قدم في السودان بعد أن أقصتهما أمريكا عن الاشتراك في تسوية مشكلة الجنوب.

وهذا ما كان، فقد أصبحت لندن مركزاً إعلامياً ناشطاً في موضوع دارفور، مهيجاً للرأي العام الإقليمي والدولي، وأصبحت باريس مركزاً داعماً مادياً للمتمردين عن طريق تشاد،

وهكذا فرضت الدولتان على أمريكا موضوع دارفور قبل التوقيت الذي أعدته له أمريكا، ما اضطر أمريكا أن تنشغل به قبل الانتهاء من مشكلة الجنوب وقد جعل هذا حكومة السودان تقبل بمهادنة مع رحالات الإنجليز في السودان بل وتعقد اتفاقيات معهم كما حدث مع حزب الأمة.  وفي الوقت نفسه فرضا على أمريكا السير في موضوع دارفور دولياً وإقليمياً حتى قبل توقيع الاتفاقية النهائية بين السودان والمتمرد قرنق في نيروبي 9/1/2005م.

• وزاحمتها في شمال إفريقيا فبعد انقلاب بومدين على بن بلاّ في الجزائر، وموت محمد الخامس في المغرب، خرجت أمريكا من الجزائر والمغرب.  ثم أمكنها استغلال قضية الصحراء الغربية عن طريق تنظيم البوليساريو، فاتخذت هذه القضية مدخلاً لها إلى شمال إفريقيا، تستصدر القرار لها تلو القرار من الأمم المتحدة باسم تقرير المصير والاستفتاء ثم الحل الثالث أي الحكم الذاتي ثم الاستفتاء بعد خمس سنوات وتقرير المصير، وكانت تمسك بخيوط القضية وتتحكم في سخونتها أو تهدئتها وفق متطلبات نفوذها في المغرب والجزائر.  وقد كانت تساعدها في ذلك إسبانيا في عهد (أثنار).  فلما تغير الوضع وجاء الحزب الاشتراكي أصبحت إسبانيا وفرنسا تعملان لسحب هذه القضية من يد أمريكا، وصار المسئولون الفرنسيون يصرحون علناً أن الصحراء الغربية هي المدخل لأمريكا في شمال إفريقيا كما ذكر ذلك أثناء زيارة شيراك الخاطفة لتهنئة بوتفليقة عند نجاحه في انتخابات الرئاسة في نيسان 2004م.  ثم تلاحقت مساعي فرنسا وإسبانيا في ذلك وكان آخرها ما جرى خلال زيارة ملك إسبانيا للمغرب في 17/1/2005م.  حيث كان هذا هو الغرض الأساس من الزيارة، وبذلك زاحمتها مزاحمةً مؤثرةً لَم تنته بعد.

• وكذلك زاحمتها في لبنان فإن أمريكا منذ الطائف وهي وراء النظام الحالي في لبنان، وهو ركيزة لأمريكا في المنطقة والجيش السوري هو الضمانة لاستمرار هذا النظام.  وخطة أمريكا سحْب الجيش السوري على مراحل وفق مراحل التسوية التي ستتم في المنطقة.

وقد رأت فرنسا (وبريطانيا من وراء الستار) أن سقوط أمريكا في مستنقع عدوانها على العراق هو الظرف المناسب لإثارة موضوع إخراج الجيش السوري، ودفعت الأمور باتجاه مجلس الأمن بعد أن هيأ عملاؤها في لبنان الأجواء تجاه إخراج الجيش السوري، ما جعل أمريكا تركب موجة مجلس الأمن وتدخل على الخط مع فرنسا ويكون قرار 1559 باسمهما معاً واستطاعت أمريكا أن تجعل القرار فضفاضاً، تضمن وضع مدة ستة شهور مهلةً ليقدم كوفي عنان تقريراً للمجلس حول تنفيذه.  ثم تبع ذلك تحريك المساندين لسوريا في البلد فأدخلوا قرار الطائف على خط قرار مجلس الأمن واختلط الأمران معاً، وأدركت فرنسا و(بريطانيا من ورائها) أن أمريكا استطاعت أن تجعل القرار غير فاعل وبخاصة وأن انتخابات مقبلة في لبنان وهي ستفرز أعواناً للنظام في لبنان وفي سوريا وقد يموت القرار 1559 ويكون البديل له اتفاق الطائف وتعود الأمور كما كانت: إعادة انتشار وسحب جزئي بالتدريج إلى أن تنضج التسوية في المنطقة وبخاصة على المسار السوري.

في هذا الظرف جاءت حادثة الاغتيال فكانت المنقذ لفرنسا وأتباعها وبريطانيا وأتباعها لتحريك القرار من جديد بل وقطع الطريق على الانتخابات وظهرت أوروبا بقضِّها وقضيضها علانيةً في الميدان، وكانت فرنسا متحديةً صريحةً حتى لقد تبنى شيراك الأمر في اغتيال الحريري أكثر من أهل الحريري، وتحركت بريطانيا بالتشويش والإشاعات على طريقتها بتسريبها أن هناك شبهاتٍ حول سوريا وراء الحادث كما جاء على لسان سترو وزير خارجية بريطانيا، وبرز عملاء بريطانيا علناً على الساحة في صعيد واحد مع عملاء فرنسا تجمعهم خدمة أوروبا لإخراج نفوذ أمريكا من لبنان وتخلفه أوروبا باسم فرنسا وبريطانيا.

واختلط الحابل بالنابل وأصبح موقف سوريا وأتباعها محلياً وإقليمياً موقفاً صعباً متهماً وهي أبعد ما يكون عن ارتكاب الجريمة لأن هذا الاغتيال ضد مصالح سوريا بل ضد وجودها.  وكان الموقف الدولي كذلك محرجاً لأمريكا وكانت مزاحمة أوروبا لأمريكا ناجحةً إلى حد أن أمريكا لَم تجد مخرجاً إلا أن تركب موجة إخراج الجيش السوري كما صنعت في القرار 1559، وتريد أمريكا من وراء ذلك أن لا تكون خيوط القضية كلها في يد أوروبا تصنع ما تشاء بها بل أن تكون هي كذلك معها لتحرف مسار الإصرار على إخراج الجيش السوري وإسقاط النظام إلى إخراجه على مراحل وتثبيت النظام.

ويبدو أن مزايدة أمريكا على أوروبا في إخراج الجيش السوري قد نجحت، وقد أُعلن أمس 22/2/2005م أن مبارك (رجل المهمات الأمريكي) أرسـل مـديـر مخـابراته إلى دمشق مما يدل أن أمريكا أوكلت إلى مبارك نقل القضية من الناحية الدولية إلى الناحية المحلية أي العربية فيكون المخرج مناسباً للمحافظة على النظام في لبنان وعلى طريق مناسب لإعادة الانتشار والسحب التدريجي للجيش السوري لإظهاره ليس خضوعاً لتحركات أوروبا وعملائها وإنما امتثالاً للطائف أو للقمة العربية.  أو لطلب من الحكومة اللبنانية، أو تصريح من الرئيس السـوري حول الموضوع كما لمح لذلك الرئيس المصري في تصـريحه الصـحـفي أمـس.  وبالتالي فإن أمريكا قد أوشكت على سحْب البساط من تحت أوروبا.

وهكذا فإن أوروبا تكون قد زاحمت علناً أمريكا في لبنان مستغلةً سقوط أمريكا في مستنقع عدوانها في العراق، وألجأتها إلى رد الفعل بعد أن كانت أمريكا تفرض على غيرها ردود الأفعال.

5 - إنَّ عمق مسـتـنـقـع عدوان أمريكا، وشدة مزاحمة أوروبا لأمريكا وبخاصة في الشرق الأوسط، جعل أمريكا ترى أن تفردها في السـيـاسـة الدولية قد سـقـط أو أوشك على السقوط، وأنَّ إقصاءها أوروبا عن مشاركتها السياسة الدولية لَم يعد ممكناً، وأن ضمان فشل أية دولة تريد مزاحمتها قد ظهر بطلانه، وأن انتفاخ أمريكا الظاهري قد أصبح يضمر، وأن الأفضل لها أن تشرك أوروبا معها فقد يخفف عنها مأزقها.

ثم إن هناك أمراً جعل مصالحتها أوروبا ملحةً، وأصبح هذا الأمر هاجسها تعد له المؤتمرات المتخصصة، ومراكز الأبحاث، بل وتتوقع له المدة التي يظهر فيها وهو (قيام خلافة للمسلمين) وهي لا تريد أن يتحقق هذا الأمر وهي بمزيد من الأعداء وقلة من الأصدقاء، كل هذا دفعها إلى أن تقترب من أوروبا.

6 - وبناءً عليه فقد بدأت حملة مصالحة مع أوروبا وبخاصة مع الدول التي كانت (تعاديها) علناً.  وقد بدأت حملتها هذه بخطوات متسارعة، بجولات لوزيرة الخارجية ثم وزير الدفاع وأخيراً الرئيس بوش:
• قامت وزيرة الخارجية رايس بجولة في أوروبا ابتداءً من مساء الخميس 3/2/2005م، وملأتها بالتصريح والتلميح إلى أن أمريكا تمد يدها إلى أوروبا وتريدها شريكة معها في السياسة الدولية، لا مهملة، ولا تابعة.

تقول رايس في كلمة ألقتها في باريس 8/2/2005م أمام معهد العلوم السياسية، ذاكرةً وحدة القيم والجذور الحضارية التي تجمع أوروبا وأمريكا، وتقدم مشروع عمل بينهما باسم (الشراكة الجديدة) ، وقائلةً: (إن الوقت قد حان لقلب صفحة خلافات الماضي وبدء فصل جديد في علاقاتنا وتحالفنا) وتضيف مؤكدة (إن بلادي مستعدة للعمل مع أوروبا في أجندة مشتركة) أي أن رايس التي كانت بالأمس وهي رئيسة الأمن القومي تطالب معاقبة فرنسا لتزعمها جبهة الدول المعارضة للحرب، تتقدم إلى أوروبا وبخاصة فرنسا للعمل معاً في مشروع (شراكة جديدة)!

• أما رامسفيلد فيلقي كلمةً في 12/2/2005م أمام مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، يكرر فيها ما قالته رايس عن وحدة القيم والجذور الحضارية، ثم يبدؤها على النمط الأمريكي الذي أصبح منتشراً في العالم، بنكتة أو أضحوكة، حيث قال إنه الآن غير “رامسفيلد القديم” جواباً لسائل، مشيراً بالاعتذار الضمني عن مقولته «أوروبا القديمة» عن فرنسا وألمانيا عندما عارضتا عدوان أمريكا على العراق.  ثم أضاف «إن الخلاف حول العراق انتهى وأن علينا أن نترك الماضي خلفنا» مشيراً كذلك إلى اشتباكه الكلامي مع وزير خارجة ألمانيا أثناء اجتماع المؤتمر الأسبق قبل عامين.  بعد ذلك قال (إن أمةً وحدها لا يمكنها أن تتصدى للتهديدات في عصرنا الجديد) ونسي أنه قال قبل حرب العراق إن أمريكا يمكنها القتال وحدها على جبهتين.

• ثم كانت جولة بوش التي بدأها إلى بروكسل في 21/2/2005م، وقد استبق جولته بالتصريح (إن الوقت قد حان لترك الخلافات الأمريكية الأوروبية الخاصة بالعراق جانباً والتطلع إلى العمل يداً بيد).

ثم استهل جولته بخطاب في قاعة (كونسير نوبل) وسط بروكسل أكد فيه انفتاح العلاقات عبر الأطلسي على عهد جديد، وأعلن أن تحالف أوروبا وأمريكا الشمالية - الذي لن تفرقه أي قوة في العالم كما قال - يمثل العماد الأساس للأمن المشترك في القرن الجديد.  ثم حضر عشاء عمل دعاه إليه شيراك في مقر السفير الأمريكي في بروكسل، وشجع بناء الاتحاد الأوروبي وأكد أن التوحد عبر التحالفات والقيم المشتركة لن يجعلنا نخشى شريكاً قوياً كأوروبا.  قال بوش هذا وهو بالأمس كان يحاول اختراق الاتحاد الأوروبي بالتجاذبات التي قامت بها الإدارة الأمريكية قبل العدوان على العراق.

وفي لقائه بالمستشار الألماني شرودر كرر القول عن التعاون العملي المشترك لحماية المناخ الودي بين أوروبا وأمريكا.  ثم قام بوش بتصرف لافت للنظر حيث أكد للمستشار الألماني أنه لن يستخدم تعبير (التحالف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة) الذي سبق وأطلقه والده، ما بين للألمان تصميم بوش الابن على مواصلة التقرب من ألمانيا وتعزيز التحالف معها على قاعدة الشراكة المتساوية (الند بالند) .

مما سبق يتبين أن الغرض من جولة بوش، وما سبقها من جولات وزيرة الخارجية والدفاع هو حملة مصالحة لأوروبا تحت ضغط:
ثـقـل مسـتـنـقـع عـدوانـهـا على بلاد المسلمين، واستغلال أوروبا لسقوط أمريكا في هذا المستنقع ومن ثم مزاحمتها في المنطقة، وإدراك أمريكا اهـتـزاز عرش تفردها في السياسة الدولية، ثم إدراكها خطورة تحقق هاجسها (إقامة الخـلافة) في الوقت الذي تكون فيه أمريكا في حشد من الأعداء.

أيها المسلمون
إن القوى الطاغية أخذت بالانحسار، ونخر فيها السوس، وانكشف عوارها، بل وأصبحت مقتنعة قبل غيرها بأن عنجهيتها لا تغني من الحق شيئاً، وأن أسلحتها وإن عظمت فإنها تفقد الرجال الذين يملكون الجرأة والإقدام للوقوف أمام جحافل الإسلام.

إنَّ أمريكا قد هبطت رغم أنفها عن الإمساك بزمام الأمور في العالم، وإن محاولاتها مع أوروبا لن تجديها نفعاً فقد تراكم طغيانها واحتقارها لما أسمته (أوروبا القديمة) ما لا يغسله ماء.  إن المبدأ الرأسمالي الذي تعتنقه هذه الأقوام، لا يجعلها تعرف عدلاً ولا خيراً إلا مص دماء الآخرين واستغلالهم والنظرة المتعالية عليهم، ومثل هؤلاء يحملون مقتلهم معهم حيث حلوا.

إن العالم قد أوشك أن يعيد نفسه، فقد كان الفرس والروم يتصارعان، يقودهما الظلم والطغيان حتى على رعاياهم، فكانوا في ظُلمة لَم يزحها إلا نور الإسلام، الذي حل في أرض فارس ومعظم أرض بيزنطة في سنوات قليلة، انكشف خلالها الانتفاخ الكاذب الذي كان يغطي أجساد الفرس والروم الهزيلة.

واليوم، إنكم أنتم أيها المسلمون المؤهلون لإزالة هذا الانتفاخ الكاذب الذي يغطي أجساد الدول المسماة كبرى هذه الأيام، ولتسودوا العالم من جديد وتنشروا الخير في ربوع العالم.

إنكم لقادرون بدينكم الإسلام العظيم، وبرجالكم المملوءة قلوبهم بالإيمان، وبثرواتكم التي تملأ باطن الأرض وظاهرها.
إنكم أنتم القادرون إن نصرتم الله ورسوله، وأقمتم الخـلافة، وعدتم أمةً واحدةً في دولة واحدة تستظل براية واحدة.

أيها المسلمون
إن حزب التحرير لا يقول هذا محلِّقاً في الخيال، بل إن الحقائق المتعددة تنطق بذلك:
• وَعْدٌ من الله سبحانه بالاستخلاف في الأرض {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} .
• وبشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودة الخـلافة الراشدة بعد زوالها «... ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» رواه أحمد في مسنده.
• وأمة ترنو بأعينها صباح مساء إلى الخـلافة التي ترى فيها المنقذ لها من كل مآسيها.
• وحزب صادق مخلص بإذن الله، يصل شبابه ليلهم بنهارهم لتحقيق هذه الغاية، لا يكلُّون ولا يملُّون، ولا يخافون في الله لومة لائم.
• ودول (كبرى) ينحسر ظلها بتسارع فكأنما تخر من السماء فتخطفها الطير أو تهوي بها الريح في مكان سحيق.
أفلا ينطق هذا بفجر قريب؟
{إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} .

15 من محرم الحرام / 1426هـ
 
حـزب التحريـر
2005/02/25م
   
 


إقرأ أيضا:-
أيها الحكام في بلاد المسلمين.. ألا تستحيون؟ ألا تخشون خزي الدنيا وعذاب الآخرة؟ ألا تعقلون؟
مجلس الأمن في (جيب أمريكا) تحركه لمصالحها ومصالح يهود والكفار المستعمرين
أيها المسلمون: إنكم ترون جرائم يهود في معبر رفح وغزة بل فلسطين كلها والحكام لا يحركون جيشاً لنصرتها بل تناسوا خطوطهم الحمراء! واكتفوا بوساطة أمريكا وأتباعها!
يا جيوش المسلمين، أليس منكم رجل رشيد؟! !
هذا اليوم، تُوقع الإمارات والبحرين مع دولة يهود اتفاقية الخيانة العظمى لفلسطين مسرى الرسول ﷺ ومعراجه ﷺ... دون خشية من الله ورسوله والمؤمنين