Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال

السؤال:

  في يومي 11 و 12 /11/2010 عقدت في سيول عاصمة كوريا الجنوبية قمة العشرين تحت شعار ” النمو المشترك فيما بعد الأزمة”. وكانت المواضيع الرئيسة فيها أسعار العملات والاختلالات التجارية. وقد سبق انعقادها تصريحات أوروبية، وبخاصة من فرنسا، بمحاولة إدخال تغيير على النظام العالمي المالي، وكذلك رافقها شيء من الجدل بين أمريكا والصين حول اليوان...وحول ضخ أمريكا لمليونات الدولارات...فما مدى نجاح أوروبا والصين بالنسبة لكبح جماح أمريكا في السياسة المالية الدولية؟

الجواب:

نعم إن القمة قد سبقها ورافقها امتعاض أوروبي وصيني من (عنجهية) أمريكا المالية، ولكن أمريكا استطاعت أن تخرج من القمة محتفظة (بعنجهيتها) المالية! ولتوضيح هذا الأمر فسنستعرض الأحداث ذات العلاقة:
  1- نقلت وكالة رويترز في 12/11/2010 عن مصادر من الوفد الألماني في قمة العشرين” ان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد عبرت للرئيس الامريكي اوباما عن مخاوفها من تحركات مجلس الاحتياطي الفدرالي الامريكي في الآونة الأخيرة لضخ السيولة في الاقتصاد الامريكي. ولكن اوباما ابلغ ميركل خلال اجتماع على هامش قمة العشرين انه يريد ان يرى مزيدا من الطلب المحلي في ألمانيا”. فيظهر من ذلك ان المانيا قلقة من سياسة امريكا في ضخ الاموال لان ذلك سيؤثر على قيمة الدولار بحيث يجعلها منخفضة مما يزيد الاعباء على اصحاب اليورو فترتفع قيمته امام الدولار وبالتالي تصبح اسعار البضائع الاوروبية مرتفعة فيسبب لهم الخسائر المالية والتجارية. وقد ظهر جواب اوباما بانه غير مكترث بشكوى ميركل، بل قام بالهجوم على المانيا مشيرا إلى ضعف الطلب المحلي في الاسواق الألمانية والذي من شأنه ان يؤثر في التصدير الامريكي لالمانيا ولدول الاتحاد الأوروبي بسبب قلة الاستهلاك فيها لشح الاموال لدى الناس ولتخوفهم من الاوضاع المالية العالمية فلا يقومون بالانفاق ويعتمدون التوفير، وهذا ظاهر في السوق المحلية الألمانية. وبذلك جاء رد اوباما على تهم المانيا بانها هي المقصرة ويقع عليها الذنب! وقد أضافت وكالة رويترز في خبرها:” ان امريكا قد تجاهلت الانتقادات أمس (11/11/2010) وان اوباما قال انه يتوقع ان تحدد قمة العشرين آليات لتحقيق نمو اقتصادي عالمي واسع النطاق ومتوازن. وقال: ان بقية مجموعة العشرين تدرك ان النمو الامريكي مهم للاقتصاد العالمي”. مما يدل على ان امريكا اظهرت سياسة العنجهية والغطرسة في الاقتصاد وانها غير مكترثة بالعالم بل تمن على دوله وشعوبه التي يعاني اغلبها من الفقر والجوع والحرمان بان نمو اقتصادها ليس مهما، بل المهم لهم هو نمو الاقتصاد الامريكي وتخمة الشعب الامريكي، فكأنها تقول ما دامت امريكا وشعبها بخير فالعالم بخير!

  2- والصينيون حاولوا الهجوم على امريكا بحيث انتقدوا سياسة ضخ الأموال واظهروا قلقهم البالغ منه كما ورد على لسان مسؤوليهم. وقد ذكر تشانغ تاو مدير الادارة الدولية ببنك الشعب الصيني للصحافيين على هامش القمة:” ينبغي على الدول التي تتمتع باحتياطات كبيرة ان تضع في الاعتبار التأثير العالمي لسياستها”. وحذر قائلا:” ان التدفقات الرأسمالية الداخلة غير المنظمة والناجمة عن تحرك مجلس الاحتياطي الفدرالي الامريكي يمكن ان تضر الاقتصادات الصاعدة وتشكل خطرا على التعافي الاقتصادي العالمي”. (رويترز 12/11/2010) ولكن المسؤولين الامريكيين هاجموا الصينيين في سياسة عملتهم اليوان واتهموهم بانهم يبقون عملتهم منخفضة وهذا من شأنه ان يسبب الاختلالات التجارية، فأظهروا كأن المشكلة ليست منهم وإنما هي من الصينيين.

  3- لقد جاء البيان الختامي لصالح امريكا فلم ينتقدها ولم يوجه إليها اللوم على دمار العالم اقتصاديا، فأبعد عنها التهم والضغوطات، وابقى على النظام المالي العالمي السابق على ما هو، وابقى على امريكا ممسكة بزمام الامور. حتى ان مسؤولا امريكيا كبيرا طلب عدم ذكر اسمه قال قبل اختتام القمة بساعات :” ان المباحثات مشجعة جدا”. وقال:” ان البيان الختامي المتوقع ان يصدر عن القمة سيقلص قليلا من الضغط والتوترات التي شهدناها وسيخيِّب آمال الذين تكهنوا بان القمة ستنتهي على خلفية انقسامات”. وقال: ان البيان الختامي سيكون قريب الشبه من البيان الذي تبناه وزراء المالية نهاية تشرين الأول في كوريا الجنوبية”. (أ. ف. ب 12/11/2010) أي أن أمريكا تمكنت من صياغته على نحو يرضيها ولا يحملها مسؤولية استمرار الأزمة المالية العالمية، ويلقي التبعات على كل الدول ويحملها المسؤولية وهذا ما هو ملاحظ في البيان الختامي.
  فالبيان الختامي لم يأت بشيئ جديد ولم يقدم حلولا وما ورد فيه هو عبارة عن صيغ عامة مثل:” ان الاقتصادات المتقدمة ستوفر الحماية من التقلبات في اسعار الصرف، الأمر الذي سيساعد في تخفيف مخاطر التقلبات الكبيرة في تدفقات رأس المال الذي تواجهه بعض الاقتصاديات الناشئة”. وهذه الصيغة لصالح امريكا التي توجد التدفقات المالية بضخها مئات المليارات من الدولارات في الأسواق. فكأنه يقول ان الاقتصاد الامريكي لكونه متقدما فهو قادر على ان يوفر الحماية من التقلبات في اسعار الصرف وهو سيساعد في تخفيف مخاطر التقلبات الكبيرة الناجمة عن ضخ الأموال في الاسواق وهي السياسة التي تطبقها منذ ظهور الازمة عام 2008 حيث طبعت وضخت تريليونات الدولارات في الأسواق. وورد في البيان:”ان الاجراءات التي ستتألف من مجموعة من الارشادات ستساعد في الأوقات المناسبة في تحديد الاختلالات التي تتطلب اتخاذ اجراءات وقائية صحيحة”. وورد فيه:” ان الوزراء سيعملون مع صندوق النقد الدولي على أخذ الارشادات بعين الاعتبار على ان تتم مناقشة ما يتم اتخاذه خلال النصف الأول من العام القادم”. وقد وردت الانتقادات اثناء اعداد مسودة البيان بان “المجموعة اي مجموعة العشرين لم تقرر تحديد هذه الارشادات لا نوعا ولا كما أي بقيت دون توضيح كاف”.

  4- يتبين من ذلك، ان القمة لم تغير شيئا من النظام المالي العالمي كما كان يطالب به بعضهم وعلى رأسهم فرنسا، ولم تلب طلبات المستائين من التصرفات الأمريكية وانهم لم يقدروا ان يزحزحوها عن موقفها، ولم يستطيعوا ان يدينوا مواقفها ويشكلوا رأيا عاما عالميا ضد تصرفاتها المستبدة في الاقتصاد والتي وصلت الى وضع العنجهية كما كانت هي على عهد بوش الابن في السياسة، ولكن هنا تجلت عنجهيتها في الاقتصاد والمال. فاذا طبعت الورقة المالية التي لا تساوي ثمن الحبر الأخضر المصبوغ به واشترت سندات خزينتها التي بدأت تكسد وأظهرت انها خففت من مديونتها ونشطت سوقها وإشترت به ثروات العالم بلا مقابل إلا اللهم تحت اسم هذه الورقة الخضراء فلا احد يحق له ان يلومها، بل يحق لها ان تفعل ذلك فيما لا يحق للأخرين ان يفعلوا ذلك! كما نرى كيف كَبَّل الأروبيون أنفسهم فلا يستطيعون ان يتجاوزوا الحد في طباعة عملتهم لقيود معينة. وقد استطاعت امريكا ان تحمي نفسها من الانتقادات بل من الهجمات عليها بسبب سياسة ضخ الاموال. وعلى ما يظهر ان امريكا ارادت من هذا المؤتمر ان تحمي نفسها من الانتقادات وتمنع صدور بيان ينتقدها وبالتالي تمنع تشكيل رأي عام عالمي ضد سياستها المالية التي تسبب الأزمات العالمية، وأفشلت الدعاوى بتغيير النظام النقدي العالمي، وأكدت على استمرارية النظام السابق الممتد من قمة بريتون وودز عام 1944 حتى اليوم. وذلك باستمرار الدولار عملة عالمية وباستمرار دور صندوق النقد الدولي، واعطت لنفسها الحق في طبع الدولار كما يحلو لها وبمقدار ما تريد بدون وجود رادع يردعها. وبذلك استطاعت امريكا ان تحافط على مركزها العالمي كدولة أولى، لها السلطة وهي صاحبة الكلمة وهي تمسك بزمام الأمور في العالم!

  5- وأما الآخرون؛ فقد استطاعت الصين ان تبعد الضغوط عليها لاعادة تقويم سريع لسعر عملتها وقبلت ان يكون ذلك على مراحل. وكان الأوروبيون هم الخاسر الأكبر فلم يستطيعوا ان يغيروا شيئا في النظام النقدي العالمي كما يهدفون، ولم يستطيعوا ان يدينوا امريكا بسبب سياسة ضخ الاموال وتخفيض قيمة العملة, ولم يستطيعوا ان يوجدوا رأيا مضادا لها. وبذلك فانه من غير المحتمل ان يقدر ساركوزي على ان يحدث شيئا يذكر اثناء ترؤسه لقمة العشرين التي استلمها في هذه القمة لمدة عام، بينما هو يدعو لتغيير نظام النقد العالمي. فالارشادات التي طلبت القمة وضعها؛ فإنها, كما جاء في البيان، ستأخذ نحو نصف سنة من النقاش بين وزراء المال والتجارة وبين صندوق النقد الدولي حتى يتم انجازها. ثم ستأخذ وقتاً آخر غير محدد لتطبيقها والعمل بها، وكذلك فإن مدى نجاعتها هو أمر غير معروف، وربما تستمر الأمور تراوح مكانها حتى القمة القادمة لمجموعة العشرين التي ستعقد في شهر تشرين الثاني من العام القادم!

8 من ذي الحجة 1431هـ

 
14/11/2010م
 



إقرأ أيضا:-
جواب سؤال : حول العطور التي تحتوي كحولاً
ج س - حول الأزمات ومصير اليورو والاتحاد الأوروبي
ج س: استقالة عسكر تركيا، وتفجيرات أوسلوا
ج س : اتفاق وثيقة الدوحة للسلام في دارفور
ج س تواطؤ النظام الباكستاني في اغتيال ابن لادن