|
مع احتدام الصراع، الأميركي - الأوروبي، على النفوذ في المنطقة، خاصة على الساحة في لبنان، وتسخير الدول الإقليمية في هذا الصراع، عمدت الأطراف الداخلية إلى تجسيد هذا الصراع في الشارع، عبر خطاب التعبئة، والشحن المذهبي والطائفي، لتهيئ فتيل انفجار الحرب الأهلية للاشتعال من جديد.
وبعودة مسلسل الاغتيالات، باغتيال وزير الصناعة، بيار الجميّل؛ أُشعلت شرارة جديدة لإضرام نار الفتنة. وقد اعتاد أهل لبنان، منذ أن أُنشئ هذا الكيان على يد المستعمر الفرنسي، عام 1920، أن يكون بؤرة توتر، تفجّرها دول الغرب، كلما اقتضت مجريات صراع النفوذ ذلك.
وما يثير الغرابة، أن تسمع الإدانات ممن ساهم، ويساهم، في تهيئة الظروف المواتية لمثل هذه الأعمال، وإتاحة الفرصة للأيدي الآثمة لتشعل نار الفتنة، فيتقاتل أهل لبنان من أجل قضايا، ظاهرها محلي، وباطنها صراع بين قوى دولية، بأدوات إقليمية ومحلية، على النفوذ في لبنان.
فلأهل لبنان عامة نقول: إنكم وقود صراع قوى دولية وأدواتها الإقليمية، أثبت التاريخ، والحاضر، أنها لا ترقب فيكم إلاًّ ولا ذمّة، همّها الأول، والأخير، المحافظة على مصالحها. فأطفئوا فتيل الفتنة قبل أن تنفجر ويهلك الجميع. فبمقدوركم أن توقفوا الحقن المذهبي والطائفي، ببيان حقيقة الصراع، وأن تأخذوا على أيدي العابثين بأمن الناس واستقرارهم، وتتنبهوا إلى كيد السفارات العابثة بأمن العباد والبلاد.
وإننا في حـزب التحرير - ولاية لبنان، نناشد كلّ غيور على سلامة الناس ومصالحهم، من كافة الشرائح والانتماءات، ومهما كان موقعه من المسؤولية، ألا يساهم في تأجيج نار الفتنة، بل أن يبادر إلى منع كل عمل يؤدي إلى إشعالها، وأن يواجه كل خطاب تحريضي، طائفياً كان أم مذهبياً.
وإلى المسلمين خاصة نقول: إن دول الغرب تعمل على شق صفكم، وإثارة خلافاتكم، وتعوّل كل منها على تسخير بعضكم ضد البعض الآخر، لحسم الصراع لصالحها، ومَثَلُ العراق ماثلٌ أمام أعينكم، فلا تُغضبوا الله وتقعوا في مكائدها، عبر فتن لا تبقي ولا تذر. ونذكّركم بقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». ارتفعوا إلى سمو رسالة الإسلام التي تحملونها، فأنتم حملة مشروع ينقذ البشرية جمعاء، وينقذ أهل لبنان من الفتن المستمرة التي تعصف بهم، وذلك بإعادة لبنان، وسائر أقطار المسلمين، جزءاًً أصيلاً، لا يتجزّأ، من دار الإسلام، في ظل دولة خلافـة راشدة على منهاج النبوة، وما ذلك على الله بعزيز.
|