أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة لديها يقين تام ببناء مجتمع إسلامى وإقامة دولة الإسلام. بالصراع الفكرى والكفاح السياسي ضد عقائد الكفر والأفكار الفاسدة والتقاليد الجاهلية. وقد استخدم الكفار أنواع الاضطهاد والتعذيب ضد هذه الجماعة الفكرية السياسية التى تتكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وبا لرغم من ذلك كله فقد منّ الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالنصرة من جماعة الأنصار الذين مَنّ الله عليهم بالهداية، فأيدوا الرسول صلى الله عليه وسلم ونصروه. ثم إنه صلى الله عليه وسلم هاجر إلى بلادهم وأقام فى المدينة المنورة دولة الإسلام الأولى التى نشرت نور الإسلام إلى العالم، ووصل هذا النور إلى بلدنا هذا والجمد لله.

ومن المؤسف أن دولة الإسلام، أى دولة الخلافة التى حكمت 14 قرنا وأضاءت العالم بنور الهدى والعدل هدمها الكفار فى القرن الماضى، 3 آذر عام 1924م على يد الخائن المجرم مصطفى كمال. ومن اليوم تداعى الكفار المستعمرون على بلاد المسلمين كما تتداعى الأَكَلَةُ إلى قصعتها، فنهبوا خيراتهم وانتهكوا أعراضهم ومزقوا بلادهم.

وفى الخمسينات من القرن الماضى نشأت فى الأمة جماعة سياسية باسم “حـزب التحريـر”، مبدؤها الإسلام. لقد أدرك هذا الـحزب أن السبب الرئيس فى حملة الكفار المستعمرين على المسلمين وضعف المسلمين هو غياب الخلافة، فبدأ العمل الجدي إلى إعادة الخـلافة الراشدة التي هي الكيان السياسي الذي يجمع المسلمين.

وإن الـحزب ليهيئ نفسه اليوم بإذن الله لكى ينال شرف إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية، وإنه من خلال نشاطه المتصل الذى يستمر فى الأمة منذ ما يزيد عن خمسين سنة، يقترب من جني ثمرات جهده، حيث إنه سعى جادا فى سبيل إعلاء كلمة الله.

ويعمل “حـزب التحريـر” فى طاجيكستان، التى هى جزء من بلاد الإسلام، منذ تسعينات القرن الماضى، وينشط فيها اليوم آلاف من شباب “حـزب التحريـر” بالصراع الفكرى والكفاح السياسى، لكى يهيئ طاجيكستان وشعبها لتكون جزءا غير منفصلة عن دولة الخلافة القائمة عن قريب إن شاء الله.

إن الـحـزب لا يشتغل فى نشاطه الذي يوجه إلى إقامة دولة الخلافة بالأعمال المادية، وإنما ينحصر بالأعمال الفكرية والسياسية فحسب، ومع ذلك فإن الحكومة تحاربه منذ عشر سنوات بأساليب متعددة مثل الملاحقة والتعذيب والسَّجن لأزمنة طويلة.

والمساهم الأكبر فى إيقاع ظلم الحكومة هم العاملون في وزارة الداخلية. وبما أن هؤلاء هم مسلمون نوجه إليهم خطابنا هذا كي لا يلقوْا عذاب الله بإعانتهم للظالمين واتباعهم لهم. قال الله تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [11:113].

أيها العاملون في وزارة الداخلية!
نحن شباب “حـزب التحريـر” فى طاجيكستان قد ذكَّرنا ولا نزال نذكِّر رؤساءكم الظالمين بأن ملاحقة وتعذيب واعتقال حاملى الدعوة الإسلامية تُعدُّ وقوفا فى وجه الدعوة إلى الله وإثما عظيما عند الله. وبالرغم من ذلك فإن الظالمين يلقون إليكم أوامرهم بأن ترتكبوا مثل هذه الجرائم الكبيرة. فلا تسعوا أيها العاملون فى وزارة الداخلية لتنفيذ هذه الأوامر، ولا تعينوا الظالمين بملاحقتكم وتعذيبكم أهل الدعوة، وإلا تكونوا من الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن مَشَى مَعَ ظَالِمٍ لِيُعِينَهُ وهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ ظَالِمٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ».

أيها العاملون في وزارة الداخلية!
لا تلقوا أتفسكم إلى نار جهنم من خلال تعذيبكم حاملى الدعوة الذين يدعون إلى دين الله والالتزام بأوامره. ألم تسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال: «مَنْ آذَى مُسْلِماً فَقَدْ آذَانىِ ومَنْ آذَانىِ فَقَدْ آذَى اللهَ». وقال أيضا: «كُلُّ مؤْذٍ فىِ النَّارِ».

أيها المسلمون!
إن العاملين في وزارة الداخلية أبناؤكم وإخوانكم فانهوهم عن مثل هذه الأعمال، وحذِّروهم كي لا يصبحوا أعداءً لله بوقوفهم فى وجه الدعوة. وادعوهم إلى أن يتوبوا إلى الله من أعمالهم ويصبحوا خداماً حقيقيين للأمة. والحقيقة أنه من واجبكم وواجبهم أن تكونوا معاونين وخداما للدعوة الإسلامية وتسارعوا إلى رضى الله سبحانه. قال تعالى: {سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض}، وقال: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق}.