Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها المسلمون؛ لقد حقَّ عليكم أن تروا الوجه الحقيقي للكفار وعملائهم
وحقَّ عليكم أن تقيموا دولة الخلافة
(مترجمة)

إن علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي باتت تشغل الرأي العام التركي انشغالاً منقطع النظير، والأوساط الإعلامية المتخمة بالتضليل والمغالطات والتعليقات الصفيقة باتت تحول دون رؤية الناس للحقائق. لذا بات لزاماً علينا أن نميط اللثام عن حقيقة الأمر لتظهر بصورة واضحة بينة:

في 27 تشرين ثاني/نوفمبر توجه وزير الخارجية عبد الله غل لحضور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للشراكة الأوروبية المتوسطية (EUROMED) في فنلندا. وبالرغم من أنه كان قد صرح عقب اجتماعه مع نظيره الفنلندي أن اللقاء كان إيجابياً للإيحاء بأن الخطة الفنلندية لقبرص قد راعت ما عرضه غل، إلا أن الوزير الفنلندي قد أدلى بتصريح صحفي بعده مباشرة أعلن فيه أن الخطة الفنلندية المتعلقة بقبرص هي هي لم يحدث عليها تغيير وأن على تركيا الموافقة عليها كما هي! فصفع وأَذل وزير الخارجية التركي –الذي تظاهر بعدم علمه بذلك!- وهو مازال على أراضيهم. وفي 28 تشرين ثاني/نوفمبر لم تتم سعادة رئيس الوزراء أردوغان بتصريح البابا الذي جاء فيه: “إننا نود أن تدخل تركيا في الاتحاد الأوروبي”حيث كان يوزع ابتساماته يمنة ويسرة في المطار. وفي 29 تشرين ثاني/نوفمبر صُفِع رئيس الوزراء أردوغان صفعة أخرى  عقب صدور توصيات المفوضية الأوروبية التي أوصت بتجميد ثمانية فصول وبعدم إقفال أي فصل من الفصول المتداولة، أي أن أبواب اتفاقية الاتحاد الأوروبي بالنسبة لتركيا تبقى مغلقة ما لم تعترف تركيا بدولة قبرص اليونانية، وبالتالي تطعن قبرص التركية في الظهر، وحاول أردوغان التخفيف من هول ما حدث قائلاً: “الحادث ليس خطيراً والقطار سيسير وإن كان بشكل أبطأ”. في حين أن الناطق باسم النظام القبرصي اليوناني قد صرح في 30 تشرين ثاني/نوفمبر قائلاً: “إذا لم تُنفَّذْ توصية المفوضية الأوروبية فسنستخدم حينذاك حق الفيتو” أي أن قبرص اليونانية ستعمل على عرقلة مداولة أية فصول جديدة، فكذَّب بذلك ادعاء أردوغان. وفوق كل تلك الذلة فقد صرح رئيس المفوضية الأوروبية الذي أصدر قرار التوصية مستهزءاً: “على تركيا أن تظهر جديتها في الإيفاء بالتزاماتها ومسئولياتها التي قطعتها للاتحاد الأوروبي”. وبالرغم من كل ذلك فقد قام عضو المفوضية الأوروبية أولي راين الذي أعلن عن توصيات المفوضية بالإدلاء بتصريح صحفي جاء فيه: “بإمكان تركيا أن تحرز هدفاً ثانوياً”، وبذلك قام بتحقير حكام تركيا مجدداً الذين يصرون على أن “القطار لم يصطدم” وعلى أن الإصلاحات -الأميركية!- ستستمر. وبعد ذلك، وفي 01 كانون أول/ديسمبر قام رئيس الوزراء الفنلندي ماتي فانهاني بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي بزيارة أنقرة فدغدغ مشاعر حكامها وقفل راجعاً. وقام وزير الداخلية الفرنسي نيكولا سركوزي المرشح لمنصب رئاسة الوزراء برفض دخول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي مجدداً وأوصى بشراكة امتيازية لها ليس أكثر.

إن حكومة حزب العدالة والتنمية التي أدركت تأزم الموقف قامت على الفور بإجراء اتصالات مع أميركا؛ ففي 04 كانون أول/ديسمبر التقى وزير الخارجية عبد الله غل بسفير الولايات المتحدة الأميركية في أنقرة ولسون، وفي 08 كانون أول/ديسمبر أجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع بوش وتباحثوا حول مسألة الاتحاد الأوروبي وكان أردوغان قد طلب مساعدة. وعقب ذلك صرحت وزارة الخارجية الأميركية بأنها ستبذل الوسع لإجراء اتفاق بين تركيا وأوروبا.

وخلال لقاء شيراك-ميركل في 05 كانون أول/ديسمبر تَمَّت المطالبة بمتابعة تحركات تركيا المتعلقة بالبروتوكول الإضافي من خلال تقارير الإصلاحات حتى عام 2009، في حين أن المعروف هو أن تقارير الإصلاحات تصدر بشكل سنوي دون حاجة لمطالبة شيراك أو ميركل بذلك، وما مطالبة شيراك-ميركل بذلك إلا دلالة على شيء واحد، ألا وهو تجميد مسألة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي حتى عام 2009. وفي اليوم نفسه طالبت مفوضية الاتحاد الأوروبي من شيراك وميركل بعدم وضع عراقيل صعبة من خلال تحديد تواريخ وأن ذلك لن يكون مجدياً. وعقب ذلك بدأ عملاء أميركا داخل الاتحاد الأوروبي (الأعضاء الجدد) بالتحرك في الاتجاه الذي يخدم مصلحة تركيا، إلا أن غيرتهم ذهبت سداً. وفي 05 كانون أول/ديسمبر صرح أردوغان بالقول “سيرتكب الاتحاد الأوروبي خطأً بإبعاد تركيا عن مباحثات العضوية”، وفي 06 كانون أول/ديسمبر صرح أردوغان بالقول: “لدينا الخطة ’ب‘ والخطة ’ج‘”.

وفي 07 كانون أول/ديسمبر صدرت التوصية التركية بتخصيص ميناء محدد لقبرص اليونانية، ومع ذلك تم رفضها مباشرة من قبل اليونان وقبرص اليونانية، إلا أن تُعامل قبرص اليونانية تعاملاً كاملاً في كل الموانئ واعترافاً كاملاً كأي دولة من دول الاتحاد، زيادة في إذلال تركيا! وخلال اجتماع لجنة الممثلين الدائمين (COREPER) الذي انعقد في اليوم نفسه طولب بإرسال التوصيات كتابياً. وعلى الصعيد الآخر صرح رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة التركية بأن حزب العدالة والتنمية قد أدلى بهذه التوصيات دون مشاورتهم، وأنه سمع بالتوصيات من خلال شاشات التلفاز، في حين أنه يتوجب إعلام المؤسسة العسكرية التي لديها قواعد عسكرية في قبرص قوامها 40 ألف جندي بمثل هذه التوصيات. وبالرغم من أن حكومة حزب العدالة والتنمية ادعت أن شخصين رفيعي المستوى من وزارة الخارجية قاما بزيارة رئاسة الأركان العامة وأبلغوهم بذلك إلا أن رئيس الأركان العامة صرح بأن هذين الشخصين قاما بزيارتهم إلا أنهما لم يطلعاهم على تلك التوصيات. وبهذا تكون حكومة الجمهورية التركية والمؤسسة العسكرية قد كذب كلٌ منهما على الآخر علانية أمام الرأي العام ومن خلال وسائل الإعلام، ووقع بسبب ذلك مناوشة بلغت حد التلاسن بين الحكومة ورئيس الجمهورية، في حين أن رئيس وزراء الجمهورية التركية القبرصية الشمالية فردي ثابت صرح في 08 كانون أول/ديسمبر أنه ورئيس الجمهورية التركية القبرصية الشمالية مهمت طلعت على اطلاع بتلك التوصيات.

وفي 11 كانون أول/ديسمبر لم تُحدث التوصية التركية التي تم تداولها خلال مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي انعقد في بروكسل شيئاً سوى جعل الخطة الفنلندية أكثر صعوبة. وتم تأجيل قضية رفع العزلة عن الجمهورية التركية القبرصية الشمالية إلى شهر كانون الثاني/يناير القادم ليتم تداولها برعاية ألمانيا رئيسة الفترة الجديدة للاتحاد. وعقب ذلك صرح الناطق باسم الحكومة جميل شيشيك قائلاً: “الترجيح بين الاتحاد الأوروبي وقبرص غير وارد” محاولاً بذلك تخفيف ألم الصفعة التي وجهت لهم. وكان شيشيك قد استخدم العبارات “إننا نأمل أن نشهد عند نهاية شهر كانون أول/ديسمبر قيام الاتحاد الأوروبي بإصدار قرار عادل بحقنا” منتظراً الرحمة من أوروبا! وفي اليوم التالي الموافق 12 كانون أول/ديسمبر صرح أردوغان أنهم قد ظلموا تركيا بالقرار الذي صدر عن مفوضية الاتحاد الأوروبي، وفي اليوم نفسه صرح أولي راين -متبعاً سياسة الاتحاد الأوروبي المراوغة- أن من الممكن فتح بعض الفصول لمداولتها مع تركيا حتى نهاية هذا العام. وعلى الصعيد نفسه صرح أولي راين في 13 كانون أول/ديسمبر قائلاً: “لقد تم الحيلولة دون وقوع حادث القطار”!

وفي نهاية المطاف قامت قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في 14-15 كانون أول/ديسمبر ومن خلال أمرين اثنين -عدم التطرق إلى تركيا خلال القمة، والتصرف وكأن توصية الموانئ التركية لم تكن- بالمصادقة على قرار توصية المفوضية الأوروبية تماماً كما هو. وعليه فقد أجبرت أنقرة على المصادقة على قرار “تجميد” ثمانية فصول وعلى “عدم إقفال” أي فصل من الفصول المتداولة حتى تقوم تركيا بتنفيذ ملحق بروتوكول الجمارك “كاملاً” وحتى تفتح “كافة” مطاراتها وموانئها أمام قبرص اليونانية. إن موضوع قمة 14-15 كانون أول/ديسمبر الأصلي كان “توسيع الاتحاد”، إلا أن رسالة صدرت من القمة مفادها “لقد باتت العضوية الكاملة في الاتحاد أمراً صعباً”، وهذا يؤكد مجدداً أن مغامرة تركيا المتعلقة بالعضوية الكاملة في الاتحاد أمراً في عداد الخيال. وفي يوم القمة تمت المصادقة على قرار “التجميد الجزئي للمفاوضات مع تركيا” الصادر عن وزراء خارجية دول المفوضية الأوروبية من جهة، ومن جهة أخرى و”حتى لا ينقطع الخيط الباقي مع تركيا” قاموا بالمصادقة على تمرير الجزء الثاني والأخير للمنحة المقدمة للجمهورية التركية القبرصية الشمالية.
هذا جرد لآخر المسنتجدات التي تجزم بأن الاتحاد الأوروبي لن يمنح تركيا “العضوية الكاملة” في الاتحاد.


أيها المسلمون؛
لفهم حلقات تسلسل الأحداث سالفة الذكر ولرؤية الوجه الحقيقي لعلاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي لا بد من إدراك النقاط التالية إدراكاً تاماً:

1. إن أهم أسباب إصرار حكومة حزب العدالة والتنمية على المضي قدماً في مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي بالرغم من الذل والهوان الذي تلاقيه هو التمكن من الاستمرار في إجراء الإصلاحات الأميركية. إن هذه الإصلاحات تهدف إلى إضعاف وإنهاء الثقل الإنجليزي المتجذر في مؤسسات الدولة، وعلى الصعيد السياسي تخفيف تأثير المؤسسة العسكرية، وعلى الصعيد الاقتصادي تقوية سياسات الليبرالية والخصخصة، وعلى الصعيد الاجتماعي رفع مستوى تأثير المؤسسات الأهلية المدنية المدعومة من قبل أميركا، وعلى رأس ذلك كله إجبار الشعب التركي المسلم على تبني طراز الحياة الغربي الكافر. وعليه، فسواء أكانت الحكومة هي حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية أم أية حكومة أخرى تأتي عقب الانتخابات المقبلة وتكون موالية لأمريكا، فإنها لن تتخلى عن محاولة نيل العضوية في الاتحاد الأوروبي من أجل نيل رضى أميركا، وإن طُردوا من على أبواب أوروبا المرة تلو المرة!

2. إن أهم المُساندين لحكومة حزب العدالة والتنمية في تنفيذ هذا العمل “المهم!” هم؛ أميركا والدول التي تسير وفق السياسات الأميركية داخل الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء العشرة الجدد التي انضمت إلى الاتحاد مؤخراً باستثناء قبرص اليونانية، بالإضافة إلى عملاء أميركا والأوساط الإعلامية داخل تركيا. تلك هي الجهات التي تطمس الحقائق وتظهر كذب ودجل الحكومة على أنه الصواب، وهي التي تظهر الخائن بطلاً بل وتصفه بـ”فاتح أوروبا”، وهي عينها التي تظهر الهزائم انتصارات.


3. إن علمانيي تركيا الذين ينتقدون حكومة حزب العدالة والتنمية بشدة، هم في حقيقتهم لا يرفضون عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، فهؤلاء العلمانيون عندما أقاموا الجمهورية التركية وأسقطوا دولة الخلافة العثمانية قطعوا كافة علاقاتهم بـ”الشرق”، واتجهوا نحو الغرب الكافر، وتبنوا طراز حياة الغرب بديلاً من الحياة الإسلامية والعالم الإسلامي، إلا أنهم يتخوفون من أن فترة الإصلاحات لنيل عضوية الاتحاد ستؤدي إلى إضعاف الثقل الإنجليزي في مؤسسات الدولة وقطع تأثير الجيش على سياسات الدولة بالإضافة إلى أنهم يتخوفون من أنها ستمكن النفوذ الأميركي من التمركز.

4. إن مما لا شك فيه أن الاتحاد الأوروبي لا يرغب بإعطاء تركيا العضوية الكاملة بسبب خلفية تركيا الإسلامية، لأن الناس في تركيا مسلمون، ولذلك رأينا أنه في خلال كافة القمم ومعظم الاجتماعات التي عقدها الاتحاد خلال العامين المنصرمين كان واضحاً تهرب الاتحاد من إعطاء العضوية كاملة لتركيا، ولذلك هو يخترع التبريرات وكان آخرها وأخطرها أن الاتحاد أراد اعتراف تركيا بقبرص اليونانية وطعن قبرص التركية في الظهر، والتخلي عنها، ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لا يريد قطع العلاقة مع تركيا نهائياً حتى لا تلتفت إلى عالمها الإسلامي بعد قطع حبالها معه، فهو يريد تركيا بعيدة عن الإسلام وعالمه، وفي الوقت نفسه يخشى ضم تركيا إلى الاتحاد بشكل كامل خشية أمر أساسي وهو الإسلام الموجود في أعماق الناس، بالإضافة إلى خشيته من أمر طارئ وهو ولاء الحكومة التركية الحالية إلى أمريكا، ولذلك فإن الاتحاد الأوروبي يريد ربط تركيا بـ”شراكة امتيازية” أو بـ”وضع خاص” كالشراكة الأورو-متوسطية ولكن دون العضوية الكاملة.


5. وعليه فإن ما يجري بين تركيا وبين الاتحاد الأوروبي من محادثات واجتماعات ما هي إلا فترة مراوغة مليئة بالمصالح والترنحات، لأن الدول التي يتكون الاتحاد الأوروبي. منها، بالرغم من أنهم يظهرون جميعاً، إلا أن قلوبهم شتى، وتوجهاتهم مختلفة، وبالتالي مصالحهم، وعليه فمن الطبيعي أن تنقسم الدول الأعضاء إلى قسمين، وأن يصرحوا بتصريحات تناقض بعضها البعض، بل إن الائتلاف الحاكم في بعض الدول تكون آراؤه مختلفة، يكذب بعضه بعضاً كما حدث في ألمانيا. ولهذا فإن حكام تركيا يفرحون برؤية دول أعضاء في الاتحاد تساندهم، ويمتعضون من قيام دول أعضاء بإذلالهم.

6. أما القضية القبرصية فهي قضية إسلامية. وحكام الجمهورية التركية هم الذين تنازلوا عن جزيرة قبرص وألحقوها بإنجلترا التي عملت للاستيلاء عليها بالمكر والتآمر من خلال معاهدة لوزان. فالقضية كانت قضية إسلامية تتعلق بالمسلمين جميعاً إلا أنه مع مرور الوقت تم تحجيمها لتصبح محصورة بين تركيا واليونان ومن ثم حجمت أكثر لتصبح بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونان، والآن تم تضيقها أكثر لتصبح قضية فتح موانئ ومطارات وإيجاد علاقات تجارية مباشرة وغيرها من الأمور الجزئية، تماماً كما حدث في قضية فلسطين وقضية كشمير اللتان تمَّ تحويلهما من قضيتين إسلاميتين تخصان المسلمين جميعاً إلى قضيتين إقليميتين ومن ثم إلى قضيتين محليتين والآن باتتا قضيتين يُتباحث في أجزائهما.


7. إن نظرة علمانيي تركيا الموالين للانجليز تجاه قبرص تتمثل في “يجب أن تكون قبرص أرضاً إنجليزية، وإن تخلت إنجلترا عنها فيجب إلحاقها بتركيا”. ولهذا فإن من غير المقبول لديهم الدفاع عن قبرص. أما النظرة الأميركية التي يمثلها حزب العدالة والتنمية لقبرص فتتمثل في “يجب إخراج قبرص من الهيمنة الإنجليبزية، ويجب وضعها تحت النفوذ الأميركي، وفي نهاية المطاف يجب طرد القواعد الإنجليزية من الجزيرة، والحل في جزيرة قبرص يجب أن يتم من خلال خطة سلام برعاية الأمم المتحدة لا برعاية الاتحاد الأوروبي”. إن إنجلترا هي التي جعلت قبرص اليونانية عضواً في الاتحاد الأوروبي ممثلة عن الجزيرة بأكمها، وإنجلترا هي التي تسعى لحل القضية القبرصية من خلال الاتحاد الأوروبي لا الأمم المتحدة، وإن كانت تدفع أطرافاً أخرى في الاتحاد كفرنسا لتعلن ذلك، وهي تنفث النار من وراء ستار كعادتها في المكر والدهاء تجاه السياسة الأمريكية.

8. أما قولهم “لن نفتح الموانئ حتى يرفع الحظر” فيعني أن تركيا “سنفتح الموانئ وستعترف بشرعية قبرص اليونانية في حال رفع الحظر عن قبرص التركية”، وقولهم “سنفتح ميناءاً ومطاراً واحداً على أن ترفعوا الحظر عن ميناء ومطار مقابل ما نفتحه” فيصب في المعنى نفسه. إلا أن الفارق الوحيد هو في لهجة حزب العدالة والتنمية، فسابقاً كان ينتظر الحرب الخطوة الأولى من الطرف المقابل، أما الآن فبات حزب العدالة والتنمية يبادر هو للإقدام على الخطوة الأولى. وعلى الصعيد ذاته فلا فرق بين فتح ميناء ومطار واحد وبين فتح خمسة موانئ ومطارات، فالنتيجة هي الاعتراف المتبادل.


9. إن الكيان الذي تطلق عليه الدولة التركية والإعلام اسم “القسم اليوناني”، يطلق عليه عالمياً اسم “الجمهورية القبرصية” بما في ذلك أميركا وأوروبا. ووثائق الاتحاد الأوروبي التي وقعت عليها تركيا تحمل ذلك الاسم. وعليه فإن تركيا قد اعترفت ضمناً بأن الكيان اليوناني القائم في القسم الجنوبي من الجزيرة يمثل “دولة قبرص بأكملها” تحت اسم الجمهورية القبرصية، ما يعني طعن مشروعية الكيان التركي القائم في القسم الشمالي من الجزيرة، وما يعني في الوقت ذاته أن التواجد العسكري التركي الذي قوامه 40 ألف عسكري في القسم الشمالي من الجزيرة هو بمثابة “قوات محتلة” بدل أن تكون قوات دخلت الجزيرة لتحريرها. 

10. إن الأمر الذي لا تمتلك حكومة حزب العدالة والتنمية الإرادة والجرأة للمضي قدماً فيه هو تخوفها من المجازفة بمشروعية الجمهورية التركية القبرصية الشمالية وإخراج القوات التركية المتمركزة في القسم الشمالي من الجزيرة وليس فتح الموانئ أو الاعتراف الرسمي بالقسم اليوناني أو ما شاكله. إن ميناء “غازي ماغوسا” الذي ورد ذكره في التوصية التي قدمتها حكومة حزب العدالة والتنمية لفنلندا، هو المنفذ اللوجستي الوحيد للكيان التركي في قبرص، وفتح هذا الميناء دولياً ووضعه تحت رقابة الاتحاد الأوروبي يعني تهديد التواجد العسكري التركي في الجزيرة. والخطوة اللاحقة لذلك ستكون إنهاء جيش إيجة الذي تم إيجاده عقب حرب 1974، بالإضافة إلى إحياء أزمة المياه الإقليمية القائمة بين تركيا واليونان.

أيها المسلمون؛
إننا بوصفنا حزباً سياسياً يرعى شئون الأمة الإسلامية نميط لكم اللثام عن حقيقة هذه القضية؛ لتدركوا حقيقة المؤامرة التي يحيكها الكفار المستعمرون، ولتروا الوجه الحقيقي للحكام الخونة، وليحقَّ عليكم أن تدركوا أن لا خلاص لكم إلا بالإسلام... خصوصاً بعد أن ظهر لكل ذي عينين أن الذين يهاجون الإسلام ورسولنا وكتابنا، والذين يعتدون على إخواننا المؤمنين ومقدساتنا وبلادنا المباركة وثرواتنا وقيمنا وكرامتنا، والذين يذلوننا ويسوموننا سوء العذاب في كل فرصة تسنح لهم هم أولئك الكفارالذين يواليهم الحكام العملاء المتربعون فوق رقاب الأمة، والخونة الإمعات الذين لا يخافون من الله ولا يستحيون من عباده، ولذلك فلا عذر لنا إن لم نزل هؤلاء الحكام الغارقين في الخيانة، حتى لا يصيبنا شيء مما يصيبهم من عذاب.

إن الواجب علينا؛ إقامة دولة الإسلام التي ترعى المسلمين جميعاً بل البشرية جمعاء بالعدل والرحمة والإشفاق، والخضوع التام لأحكام الإسلام وأوامره. وهذا لا يكون إلا من خلال تغيير النظام الحاكم رأساً على عقب، وهدم بنيان الدولة العلمانية هدماً لا تقوم له قائمة من بعده، وتسليم زمام الحكم إلى أبناء الأمة التقاة الأخيار،لإيجاد دولة قوية جديدة متينة تقوم على أساس العقيدة الإسلامية وتحكم بالإسلام، فيوجد البنيان القوي الصلب المستقيم، مكان البنيان الفاسد المهدوم: ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)).

إن تلك الدولة؛ هي وعد من الله سبحانه وتعالى وبشرى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي التي يتوجس الكفار منها خيفة، وهي أمل الأمة الكبير الذي اشتاقت إليه، وهي دولة “خير أمة أخرجت للناس”، هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. وإياكم أن تكونوا كالذين يرتابون من وعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، الذين وصفهم الله لنا في كتابه الكريم: ((فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا))، ومادام ذلك قريباً، فاستنهضوا هممكم إن كنتم تبتغون رضى الله وشفاعة رسوله وعزة إسلامكم وكرامة أمتكم والخير للناس والسلامة للدنيا بأسرها واعملوا لخلاصكم.


يا أيها المسلمون، ويا أيها العساكر المؤمنون، ويا أصحاب القوة؛
لقد آن أوان التحرك! فعلى الجيوش بكافة طواقهما من الجنرالات والضباط والعناصر المؤمنين أن تتحرك إن كان ما زال فيها مثقال ذرة من إيمان وعقل ومشاعر وكرامة ورحمة وإنسانية. لقد آن أوان اجتثاث كيان يهود الجرثومي، وسحق قوات الكفار المستعمرين من الأميركان والإنجليز والفرنسيين والروس والهنود والصينيين المحتلين لبلاد المسلمين، والاقتصاص من الحكام الخونة الذين مكَّنوا الكفار من البلاد والعباد ودعموهم في غيهم وطغيانهم، ولا بد أن يكون ذلك بصورة أبدية لا تبقي منهم شيئاً ولا تذر... لقد آن أوان تفكيك كافة المنظمات والهيئات الدولية، فهي أدوات الكفار المستعمرين المتمثلة في الأمم المتحدة وحلف الشمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومنظمة دول عدم الانحياز ومجموعة الدول الثماني ومنظمة التجارة الدولية ...، وإزالة كافة آثارهم وقراراتهم وأعمالهم ذات الوجهين... لقد آن أوان تجفيف مستنقعات الكفر وقطع أذرعه الممتدة في ديارنا وسحقه عن بكرة أبيه.

لقد آن أوان التخلص من الخوف، وإعلاء صيحات الخلاص، وإنارة الأرض بنور وهدى الإسلام كما كانت... لقد آن أوان إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بعون الله وتوفيقه... تحقيقاً لبشرى الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم... لتعود أمة الإسلام الكريمة التي أوذيت في ربها وكتابها ورسولها ودينها ومقدساتها وشرفها وكرامتها وأرضها وثرواتها وعرضها وشبابها المخلصين وفتياتها العفيفات وأطفالها المعصومين ونسائها الطاهرات وشيوخها الشيب ومنازلها وشوارعها وشجرها حتى وحجرها “خير أمة أخرجت للناس”... “أمة وسطاً” لتكون شاهدة على الناس كافة بالإسلام الذي هو خاتم الأديان عند الله سبحانه... ولتعود إلى سابق عزتها وقوتها ومجدها وعظمتها التي تليق بها... لقد آن أوان إعزاز الحق بقيادة الخليفة الراشد الذي يُتقى به ويُقاتل من وارئه وبأيدي جحافلة جند الإسلام الذين يعمر قلبهم الإيمان.

((عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ))

في 27 ذو القعـدة 1427 هـ
 
حـزب التحريـر
2006/12/18م
 
ولاية تركيـا
 


إقرأ أيضا:-
نزع سلاح حزب إيران ودور السلطة اللبنانية!
غزة على موعد مع قتل يستحرّ، وتضييق يستعر، إن لم تتحرك الأمة الإسلامية لنصرتها
يا لنخوة الإسلام في أمة محمد ﷺ! قال رسول الله ﷺ: «لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ ‌جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» رواه الحاكم
تحذير توم براك لبنان من عودته إلى أصله جزءاً من بلاد الشام! اعتراف أمريكي ضمني أن مشروع وحدة الأمة بإقامة الخلافة هو المنافس الحقيقي الوحيد للمشروع الأمريكي في المنطقة
مع كلام معسول مسموم عن مستقبل لبنان والمنطقة! المبعوث الأمريكي توم باراك في لبنان لتكريس إتمام اتفاق السلام والتطبيع مع كيان يهود!