Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل بأحداث شمدنلي تحفيز الأمة لاستئناف الحياة الإسلامية من جديد

في 09 تشـرين ثاني/نوفمبر 2005م وقع انفجار في محافظة شمدنلي بولاية حقَّاري أسفر عن مقتل ثلاثة أشـخـاص وإصابة 16 آخرين. وقبل ذلك، ومنذ شهر تموز/يوليو المنصرم فقد وقع في الولاية نفسها أكثر من 20 انفجاراً، إلا أن الذي يميز الحدث الأخير افتضاح ارتباط عناصر من جهاز استخبارات الجندرمة (الدرك) ارتباطاً مباشراً في تنفيذ الانفجار.
ومما لفت الانتباه قيام القائد العام لقوات الجندرمة (الدرك) الجنرال فوزي توركئِري عقب الانفجار مباشرة و”قبل انتهاء التحقيقات والتحريات القانونية والقضائية” باعتبار الحادثة أنها “حادثة محلية”. إضافةً إلى قيام القائد العام للقوات البرية الجنرال يشار بيوك آنيت، بالإدلاء بتصريح صحفي دافع خلاله عن المشتبه به الرئيسي قائلاً: “لقد عملنا سوية، وهو جندي جيد”.
وحتى يمكن فهم واقع الحادثة جيداً لا بد من العودة إلى الوراء قليلاً، كون الأمر مرتبطاً مباشرةً بالجيش وكونه يمثل امتداداً للقضية الكردية.
إن إنجلترا تعتبر أن هنالك قضيتين رئيسيتين في تركيا هما الحركة الإسلامية والقضية الكردية، ولهذا تبنت الجمهوريةُ العلمانية (وهي تقبل توجيهات إنجلترا) سياسة استعداء الإسلام والأكراد، لدرجة أنها تنظر وتعتبر أي معضلة صغيرة تتعلق بأيٍ من هاتين القضيتين أنها تمثل مسألة حياة أو موت وتهديداً حقيقياً “للجمهورية بدولتها وأمتها المتكاملين”، فقامت بمحاربة وسحق أي حركة تصدر من هاتين القضيتين بكل قواها، ذلك أنها تعتبرهم بمثابة خطر لا يمكن إهماله، يهدد أمنها واستمرار وجود كيانها. وبناءً على تلك النظرة، جُعِلَ الجيشُ القوةَ الأقوى في الجمهورية وذا تأثير بالغ، وما انفك الجيش قوياً كي يضمن الأمان للجمهورية، كما مُنح صلاحية استخدام القوة وقت شاء. وكما هو معروف فبعد انقلاب عام 1960م مُنِح الجيش صلاحية التدخل في سياسات الدولة وتوجيهها مرة كل 10 سنوات. ومما يجدر ذكره أن نصف رؤساء الجمهورية تقريباً هم ضباط قدامى في الجيش.
ورغم رغبة أميركا الملحة، إلا أنها لم تتمكن من إيجاد نفوذ فعلي لها في تركيا، وعندما أدركت أن العائق الحقيقي أمام تحقيق رغباتها هو الجيش قامت ابتداءً من فترة حكم أوزال بإحياء القضيتين اللتين تؤثران تأثيراً مباشراً على الدولة في تركيا، أي الإسلام والأكراد.
ولهذا فمن جهة، قامت مستغلة سلطة أوزال القانونية بتزويد أجهزة الأمن بأسلحة ثقيلة كي تصبح قوة منافسة للجيش، ومن جهة أخرى، تمكنت أميركا من بسط نفوذها على حزب العمال الكردستاني وصعدت عملياته الإرهابية. وبكلمات أخرى، فقد استغلت أمريكا (أوزال) العمليات الإرهابية لحزب العمال الكردستاني كذريعة لتزويد الأجهزة الأمنية (الشرطة) بأسلحة ثقيلة لتجعل منها قوة منافسة للجيش.
ونتيجة لهذا السيناريو الأميركي المزدوج، ظهرت عدة مجموعات على الساحة، والتي من أهمها:
 مجموعات المافيا بقيادة رجال العصابات، وتم تجميعهم من إسلاميين وقوميين مواليين لأميركا.
 مجموعات الحماية، وتم تجميعهم من أبناء العشائر الكردية لحماية القرى من الاعتداءات، والذين أُجبِروا للاختيار إما أن يكونوا بصف الدولة أو بصف حزب العمال الكردستاني، فانقسموا بين هؤلاء وأولئك.
 طواقم العمليات الخاصة، وتم تشكيلهم من أجهزة الأمن (الشرطة) حيث دُربوا تدريباً عسكرياً وزُودوا بأسلحة ثقيلة.
 جهاز استخبارات الجندرمة (JITEM: Gendarme Intelligence Service)، وتم تشكيله من العسكريين ذوي القدرات الاستخبارية العالية ونُظموا وأُديروا في قواعد الجندرمة (الدرك).
 وتنظـيمـات أخرى من مثل حزب الله التركي المكون من مسلمين مخلصين للإسلام ممن تأثروا (!) بالثورة الإيرانية عام 1979.
وقد أُسست مجموعات الدَّاغِر هذه، والملقبة بالجماعات المضادة (Contra-Guerilla)، عندما كثف حزب العمال الكردستاني أعماله الإرهابية بداية التسعينات. وكانت أميركا المسئولة عن إنشاء منظمات المافيا ومجموعات الحماية وطواقم العمليات الخاصة خلال فترة حكم أوزال. وكرد فعل للخطوات الأميركية شكل الجيش الموالي للإنجليز جهاز استخبارات الجندرمة (JITEM). كما وتم استغلال حزب الله التركي في شرق تركيا من قبل الجيش وتجدر الإشارة إلى أن حزب الله التركي لا تربطه أي علاقة بحزب الله اللبناني.
ومن المعروف أنه بعد أن أوقفت أميركا دعمها لحزب العمال الكردستاني عقب انقلاب 28 شباط 1997م وبعد أن ألقي القبض على رئيس حزب العمال الكردستاني في كينيا، انجر الحزب إلى صراع داخلي، ما أفقده قوته تدريجياً، وانخفضت أعماله الإرهابية وشهدت المناطق الشرقية أجواءاً من السلام والهدوء النسبي، وعادت الأمور إلى مجاريها أو كادت، فلم يعد هناك حاجة لمجموعات الدَّاغِر (المضادة). وبدأت الدولة بأعمال لتصفية تلك المجموعات رويداً رويدا، فعلى سبيل المثال تم إرسال طواقم العمليات الخاصة من المناطق الشرقية إلى المدن الكبرى المزدحمة والتي يوجد فيها مشاكل ودرجة عالية من الإجرام مثل أنقرة واسطنبول وإزمير. وفقدت مجموعات الحماية أهميتها السابقة بالرغم من احتفاظها بولائها العشائري واستمرار قيامها بأعمال العصابات. أما بالنسبة لحلّ حزب الله وإنهاء فعالياته، فقد كان أمراً فاجعاً وهداماً للإسلام والمسلمين حيث تم إنهاؤه وتصفية وجوده بشكل سريع خاطف مشوه للإسلام والمسلمين.
واستمر هذا الهدوء النسبي حتى نيسان/أبريل 2004م عندما أعاد حزب العمال الكردستاني بناء نفسه واستعاد نشاطه، حيث كان يعاني من صراع داخلي بعد اعتقال قائد الحزب عبد الله أوجلان عام 1999 يتمحور حول استراتيجية وقيادة الحزب. وبعد مناقشات دامية انفصل عثمان أوجلان (وهو أخو عبد الله أوجلان) الموالي لأميركا وجماعته الذين يطالبون “بالتخلي عن الكفاح المسلح” عن الحزب. وبناءً على مصادر حزب العمال الكردستاني فقد تم طردهم من الحزب، ونتيجة لذلك فقد بقي الحزب “المطالب باستئناف الكفاح المسلح” تحت سيطرة وتأثير جماعة الإنجليز-اليهود في الجمهورية.
عندما قامت أميركا وفقاً لاحتياجات استراتيجيتها الجديدة تجاه تركيا بوقف دعمها لحزب العمال الكردستاني وبتحويل القضية الكردية ومسألة الأمن التي تزلزل أركان الجمهورية التركية إلى قضايا سياسية، كانت الدولة الخفية الموالية للإنجليز وطواقمُها المنتشرة في مؤسسات الدولة المختلفة تركز بشكل متواصل على أهمية التهديد الذي يشكله الأكراد على أمن الدولة، أي أنها حاولت تحريك القضية الكردية من خلال القيام بأعمال مسلحة جديدة، ما حفَّز حزب العمال الكردستاني الموالي للإنجليز ليصعد من عملياته المسلحة. وبكلمات أخرى، فإن الدولة الخفية الموالية للإنجليز وحزب العمال الكردستاني تحركا سوية لإرجاع القضية الكردية قضية أمنية للحيلولة دون تحويلها إلى قضية سياسية. وهناك عدة مؤشرات تدل على هذا التعاون، من مثل طلب الجيش إذناً للقيام بعمليات خارج الحدود، وازدياد مظاهرات حزب العمال الكردستاني في شوارع المدن الرئيسية، والتركيز على سياسة “مكافحة الإرهاب”.
وعليه، فقد كانت حقَّاري، يوكسيك أُوا، شمدنلي (يوكسيك أُوا وشمدنلي هما محافظتان في ولاية حقَّاري) الواقعة على الحدود الإيرانية-العراقية إحدى المناطق التي استهدفتها الدولة الخفية الموالية للإنجليز لتصعيد التوتر الأمني فيها، للإبقاء على القضية الكردية على طابعها الأمني وللحيلولة دون تحويلها إلى طابع سياسي، ولهذا فقد عادت الدولة الخفية لاستخدام البقايا المتبقية من عناصر المجموعات المضادة الموالية لها في تلك المنطقة، وقد كشف تفجير شمدنلي الأخير اللثام عن هذه الحقيقة وافتضح أمرها.
لقد نشرت الجريدة الفرنسية، ليبيراسيون (Libération)، مقالاً بعد وقوع تفجير شمدنلي الأخير بعنوان “أنقرة تقوم بعملية تنظيف”، حيث ورد في المقال: “تبدو هذه الحادثة وكأنها قد نفذت على أيدي الجماعات المضادة، التي ارتفع عدد عملياتها خلال “الحرب القذرة” بين الجيش والمتمردين الأكراد، والتي أدت إلى مقتل 36 ألف شخص في الفترة ما بين 1984-1999”، وجاء فيه أيضاً: “من المتوقع أن يشكل البرلمان لجنة تحقيق بعد وقت قصير، وإذا تمكن التحقيق من الاستمرار حتى النهاية، فسيكون هنالك نقطة تحول حقيقية، حيث كان قد قتل على أيدي الجماعات المضادة 3000 شخص ونسبت لفاعل مجهول، وفي ذلك الوقت لم تقم السلطات القضائية أو السياسية بفتح أية تحقيقات (حول تلك الجرائم)”.
إن تكشُّف هذه الحقائق سيؤدي إلى توجيه انتقادات لاذعة للجيش، ما سيجبر الجيش للقيام بإصلاحات في بنيته ووضعه، وأن يزيل على الفور جميع جماعاته ومجموعاته غير القانونية. ولكن يبدو من خلال تصريحات الجنرالات في الجيش أن مثل هذه المطالبات لن تتم الاستجابة لها بشكل جدي، وسيُكتفى لإنهاء القضية بالحكم على بضعة أشخاص ومعاقبتهم، ذلك أن تاريخ الجمهورية العلمانية مليء بمثل هذه القضايا. إلا أن أميركا والاتحاد الأوروبي سيستغلان هذه الحادثة بأكبر قدر ممكن لرفع درجة ضغوطاتهم على الجيش.
إن الواقع يتمثل في أن الكفار المستعمرين وحثالتهم من الحكام الرويبضات هم الذين ينهبون ثروات الأمة ويزرعون بذور الفتنة والفساد بين أبناء الأمة وعلى أراضيها. والأصل أن لا يعطى هؤلاء الدمى الرويبضات أهمية كبرى بل يتوجب معرفة الأيدي التي تتحكم بهم وتوجههم والتي هي بالتأكيد أيدي الكفار المستعمرين. ولهذا فمن الخطأ أن يركز المسلمون على الأحداث مهملين المنفذين الحقيقيين لها، ومن الخطأ الاكتفاء بالمشاهدة دون فتح جبهة ضد أعداء الأمة وكشف أساليبهم وخططهم ومؤامراتهم التي يحيكونها ضد الأمة. ولا بد أن يعملوا مع التكتل المبدئي الإسلامي الصحيح العامل لاستئناف الحياة الإسلامية، دون تضييع مزيد من الوقت. علماً أن العمل العادي لا يكفي، بل يتوجب أن يكون عملاً متواصلاً يفوق جهود الكفار الذين يخططون ويتآمرون على الأمة، فيتوجب على المسلمين أن يصلوا ليلهم بنهارهم لتقوية العزائم، دون تعب أو ملل، متطلعين إلى رضى الله سبحانه ونصرته في الدنيا وجنته في الآخرة.

((لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ))

14من ذو القعدة 1426 هـ
 
حزب التحرير
2005/12/17م
 
ولاية تركيا
 


إقرأ أيضا:-
نزع سلاح حزب إيران ودور السلطة اللبنانية!
غزة على موعد مع قتل يستحرّ، وتضييق يستعر، إن لم تتحرك الأمة الإسلامية لنصرتها
يا لنخوة الإسلام في أمة محمد ﷺ! قال رسول الله ﷺ: «لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ ‌جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» رواه الحاكم
تحذير توم براك لبنان من عودته إلى أصله جزءاً من بلاد الشام! اعتراف أمريكي ضمني أن مشروع وحدة الأمة بإقامة الخلافة هو المنافس الحقيقي الوحيد للمشروع الأمريكي في المنطقة
مع كلام معسول مسموم عن مستقبل لبنان والمنطقة! المبعوث الأمريكي توم باراك في لبنان لتكريس إتمام اتفاق السلام والتطبيع مع كيان يهود!