Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

حديـث رمضـان
الأُخُــوَّةُ  الإسْـــلاَم

إنَّ من أهمِّ المفاهيم التي أتى بها الإسلام، مفهوم الأُخوَّة الإسلاميَّة، أي الارتباط على أساس العقيدة الإسلاميَّة التي يُؤْمن بها كلُّ المسلمين، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، أي باعتناقهم عقيدة الإسلام صاروا إخوَةً، ولشدة أهميَّتها فقد ذكرها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حجَّة الوداع بقوله: «أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه: تعلمنَّ أنَّ كلَّ مسلم أخٌ للمسلم، وأنَّ المسلمين إخوَةٌ» (رواه ابن إسحاق)، لذلك أوجب الإسلام أن يكون الرابط الذي يربط المسلمين فيما بينهم، هو العقيدة الإسلامية، وحرَّم على المسلم أن يجعل الوطن أو العرق أو المذهب أساساً للنظرة إلى بقيَّة المسلمين، فالمسلمون بكلِّ مذاهبهم وأعراقهم، وفي أي أرض سكنوا، أمَّة واحدةٌ من دون الناس، كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في وثيقة المدينة المنورة (وثيقة الدولة الإسلاميّة الأولى).

وقد شرَّعَ الإسلامُ مجموعةً من الأحكام لتكون الأُخُوَّةُ الإسلاميَّة محقَّقةً بين المسلمين، نذكر منها:
-  أوجب عليهم أن ينصر بعضهم بعضاً، وحرَّم عليهم أن يخذل بعضهم بعضاً، قال تعالى:{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» (رواه أحمد).

- أوجب عليهم أن يتوادُّوا ويتراحموا كأنَّهم جسدٌ واحد، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «‏ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحمَّى» (رواه البخاري).

- حرَّم دماءهم وأعراضهم وأموالهم, وجعلها كحرمة البلد الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «‏فإنَّ الله حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» (رواه البخاري).

- أوجب عليهم أن يتناصحوا فيما بينهم, وأن يرفعوا الظلم عن إخوانهم, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الدِّينُ النصيحةُ» قلنا: “لمن؟” قال: «لِلَّهِ ولكتابِهِ ولرسوله ولأئمةِ المسلمين وعامَّتِهم» (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «‏انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» قالوا: “يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟” قال: «تأخذ فوق يديه»(أي تمنعه عن ظلمه) (رواه البخاريُّ).

- أوجب عليهم أن يوالوا بعضَهُم, قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.

أيها المسلمون:
لقد حقَّق أسلافنا الأُخوَّة الإسلاميَّة فيما بينهم لقرون عديدة، فكانوا بحق أمَّةً واحدةً من دون الناس، عاشوا في دولة واحدة، تحت قيادة خليفة واحد، وطبَّقوا نظاماً واحداً، هو نظام الإسلام، وسالموا وحاربوا بوصفهم أمةً واحدةً، وعندما فَتحوا بلاد فارس والعراق والشام ومصر وشمالي إفريقيا، كان لكل شعب من هذه الشعوب دين أو قومية أو لغة تختلف عن أديان الشعوب الأخرى وقومياتها ولغاتها، ولكن بإسلام تلك الشعوب، صاروا جزءً من الأمَّة الإسلاميَّة، فأضحت الأخوّة الإسلاميّة رابطاً بين أهل بيروت والشام والقاهرة وغيرها، وبين الإمام البخاريِّ، وهو من آسيا الوسطى، وبينهم وبين صلاح الدين الأيوبيِّ وهو كرديٌّ، وبينهم وبين سلمان الفارسيِّ وصهيب الروميِّ،  وتركوا كل فوارق النسب والعرق واللون والوطن، امتثالاً لأوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم القائل: «ألا إنَّ آل أبي ليسوا لي بأولياء، إنَّما وليِّي الله وصالح المؤمنين» (رواه مسلم).

أيها المسلمون
إن الغرب الكافر عمل على تفريق المسلمين وإضعافهم وإيجاد الشحناء والبغضاء فيما بينهم، فتقصّد زرع الروابط الوطنيَّة والقوميَّة وتغذيتها، ليجعلها تحلّ مكان رابطة العقيدة الإسلاميَّة، بعد أن هدم دولة الخلافـة، ووضع الحدود المصطنعة بين بلاد المسلمين الواحدة، وعملت أبواقه في بلادنا على تكريس تلك الروابط التي تتناقض مع الإسلام، وقد تأثَّر بعض المسلمين بذلك، فصار المسلم من أهل الأردن أو من أهل فلسطين أو من غيرهما، يَعُدُّه أولائك غريباً في لبنان، والمسلم من أهل العراق وغيرهم، يَعُدُّهم أولائك غرباء في سوريا، وهكذا، حتى صار بعض المسلمين لا ينظرون إلى مشكلة بلد إسلامي معيَّن، بوصفها مشكلتهم، فهذه مشكلة لبنان التي تنذر بفتنة وشر، لا يصحّ أن يقف المسلمون منها موقف المتفرج، وكأنَّها مشكلة أهل لبنان وحدهم، وهذه مشكلة فلسطين، الأرض المباركة، التي بُذلت جهود كبيرة لجعلها تخصُّ أهل فلسطين وحدهم، لا يجوز الوقوف منها موقف المتفرِّج، وإن كان غالبية أبناء الأمّة، ولله الحمد، ما زالوا ينظرون إلى قضية فلسطين على أنها قضيتهم، وهم لم ينسوا أنَّ فلسطين سبق أن حرَّرها صلاح الدين الأيوبيُّ وهو كرديٌّ، ورفض التنازل عنها الخليفة العثماني عبد الحميد، وهو تركيٌّ؟

أرأيتم أيُّها المسلمون الآثار المدمِّرة للروابط الأخرى، كالوطنيَّة والقوميَّة، فإنَّها قد فرَّقت شملكم، وجزَّأت بلادكم، وأضعفت قواكم، وأذلَّتكم أمام عدوِّكم، مهما كان ضعيفاً، وجعلت بأسكم بينكم شديداً، لقد أريد بتلك الروابط للمسلم أن يخذل أخاه المسلم، لأنه ليس من بلده، أو من عرقه، أو من مذهبه، أفلا يهزُّكم ما يقوم به يهودُ من مجازر بإخوانكم في فلسطين؟ ألا تتفطَّر قلوبكم وأنتم تروْنَ ما تفعله أمريكا بإخوانكم في العراق وأفغانستان؟ ألا يجب علينا أن نقوم بما توجبه الأُخوَّة الإسلاميَّة، وبخاصة وأنتم تسمعون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلِمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» (رواه البخاريُّ). ويقول أيضاً: «لا تَقاطعوا ولا تَدابروا، ولا تَباغضوا، ولا تَحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً» (رواه البخاريُّ).

أيها المسلمون
إنَّ الله تعالى أمرَكم أنْ تكونوا أمَّة واحدة، وأَنْ تتصرفوا بناءً على هذا، فتكون دولتُكم واحدةً، هي دولة الخلافة، ويكون نظامكم واحداً، هو النظام الإسلامي، ويكون حالكم كما وصف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «المؤمنون‏ تتكافأ‏ ‏دماؤُهم، وهم يدٌ على من سواهم‏، ‏ويسعى‏ ‏بذمتهم‏ ‏أدناهم‏‏» (رواه أبو داود). هذا هو أمر الله لكم، أفتعصونه وتطيعون من يسعى لتكريس الحدود بين بلادكم، وتفريق شملكم تحت شعارات تخالف دينكم، وتعصون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي حذّركم أشد التحذير من كل الدعوات الجاهلية بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ومن دعا دعوى الجاهليَّة فهو‏ ‏جثاء‏ ‏جهنم» قال رجل: “يا رسول الله وإن صام وصلى؟” قال: «نعم وإن صام وصلى، ولكن تَسَمَّوا باسم الله الذي سمَّاكم عباد الله المسلمين المؤمنين» (رواه أحمد)، فأروا الله أيها المسلمون من أنفسكم كلَّ خير، وانصروه بالتزام أوامره ينصرْكم، وأطيعوه يُجِرْكُم من عذاب أليم. 

  قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

16 من رمضان 1428هـ
 
حزب التحرير
2007/09/29م
 
ولاية لبنان
 


إقرأ أيضا:-
نزع سلاح حزب إيران ودور السلطة اللبنانية!
غزة على موعد مع قتل يستحرّ، وتضييق يستعر، إن لم تتحرك الأمة الإسلامية لنصرتها
يا لنخوة الإسلام في أمة محمد ﷺ! قال رسول الله ﷺ: «لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ ‌جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» رواه الحاكم
تحذير توم براك لبنان من عودته إلى أصله جزءاً من بلاد الشام! اعتراف أمريكي ضمني أن مشروع وحدة الأمة بإقامة الخلافة هو المنافس الحقيقي الوحيد للمشروع الأمريكي في المنطقة
مع كلام معسول مسموم عن مستقبل لبنان والمنطقة! المبعوث الأمريكي توم باراك في لبنان لتكريس إتمام اتفاق السلام والتطبيع مع كيان يهود!