ها هم من جديد يعقدون اجتماعات الضرار التي عوّدوا الناس عليها، ما بين متآمر، ومتواطئ، وسمسار، ومتخاذل، وشاهد زور. ولكن في اجتماعهم هذا بدا صغارهم للقاصي والداني أكثر من أي وقت مضى. يجتمعون بعد أن أحرجتهم هزيمة يهود أمام ثلة قليلة مؤمنة.
إن لسان حال الناس في بلاد المسلمين يقول: ألم يبق لديهم ولا لدى حكامهم من حياء؟! بأي وجه يأتون إلى بيروت مجتمعين متبجحين؟!
بأي وجه يجتمعون في لبنان ولأجله، بعد ما يقرب من شهر من العدوان، وبعد أن قتل يهود ألفاً من الضحايا، وأصابوا الألوف، وهجروا مليوناً من السكان، ودمروا البيوت والجسور، وقطّعوا الأوصال والطرقات؟!
بأي وجه يجتمعون، وقد سبق اجتماعهم اجتماعاتٌ بشأن لبنان في أوروبا والأمم المتحدة، وجاءوا بعد اجتماعاتهم كالدمى المتحركة، يرددون أصداء ما تَردّد في أروقتهم؟!
بأي وجه يجتمعون، وقد سلّف الحكّام دولةَ يهود التأييد والمباركة، وأرسل بعضهم إليهم رسائل الشكر والامتنان؟!
بأي وجه يجتمعون، وقد أحوجَهم يهودُ إلى طلب الإذن كي تعبر طائراتهم الأجواء اللبنانية؟!
بأي وجه يجتمعون لمناقشة عدوان يهود، وقد أخزاهم حاكم دولة في أميركا اللاّتينية، بعد أن سحب سفيره لدى (إسرائيل)، في حين هم تركوا أعلام يهود ترفرف فوق عواصمنا.
إن أرادوا أن يسمعوا الجواب، قلنا لهم: لقد جئتم بأبشع وجه رأتكم فيه الأمة طوال تاريخها المعاصر. تجتمعون وقد وقف أبلغ حكامكم زعماً للصمود، موقف المتخاذل الجبان. أعلن أنه سيتدخل في الحرب إن اقترب العدوان من حدوده، فقُصفت حدوده، وقتل مواطنوه في مجزرة القاع، ولم يحرك ساكناً. وها هو وزير خارجيته يعلن استعداده لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من شمالها إلى جنوبها! لماذا؟ ألأنّه تلقى التوجيهات من واشنطن، بأن الوقت قد حان لـ”السلام” وإنهاء الصراع مع يهود.
لقد فقدت الأمة ثقتها بحكامها منذ عشرات السنين، وسقطت آمالها في سياستهم، ولم تعد تتوقع منهم أدنى موقف من العزة أو الكرامة، أو أن يدفعوا أعداءها عنها، إذ باتوا ألدَّ أعدائها. وقد قال الله تعالى في أمثالهم: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}
لقد كشف الصمود في لبنان، عوار الحكام، وأعاد إلى الأذهان هزائمهم أمام يهود، في حروب أيامها معدودة، فأدرك الناس خيانتهم وهوانهم أمام أعداء الله وأعداء الأمة. إنّهم رمونا مع اليهود والأمريكيين وحلفائهم عن قوس واحدة.
من هنا، نتوجّه إلى أبنائنا وإخواننا في الجيوش، ضباطاً وجنوداً:
هُبّوا إلى كَنْس حكامكم إلى مزبلة التاريخ، واعملوا لجمع بلاد المسلمين في دولة واحدة، خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتُحل مشكلة فلسطين نهائياً باستئصال كيان يهود، ويتحقق قول الله تعالى فيكم: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}. واستجيبوا لنداء ربكم إذ قال:
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
|